بسم الله الرحمن الرحيم
ينقسم التاريخ المصري القديم الى قسمين حسب رأي المتواضع وهي ، حضارات ماقبل الأسرات ،
وحضارات الأسرات الملكية المصرية وفي هذا الموضع سوف أحصر حديثي عن حضارات ما قبل
الأسرات التي سادت في " كيمة " بمعنى السوداء أو السمراء ، اشارة الى سمرة التربة الطينية
وخصوبتها ، كما سماها المثقفون المصريون القدماء ، أو ما عبروا عنها باسم " تاوي " أي الأرضين
، أرض الصعيد و أرض الدلتا في حال الترابط والشمول .
أما عن الحضارات التي سادت مصر في مرحلة ما قبل الأسرات الملكية عصر ماقبل الأسرات4500-3200 ق.م وهي :
مرمدة بني سلامة:
وهي تقع في دلتا نهر النيل و كانوا أهالى هذه المرمدة يقيمون مجتمعاتهم بالقرب من حواف وشطآن
المستنقعات، وتحت حماية النباتات الكثيفة التي كانت تعمل كمصدات للهواء. كما عثر أيضا على
مجموعة كبيرة من الاكواخ الواطئة البيضاوية الشكل والتي بنيت من كتل الطين الجاف وفي كل منها
كان يوجد اناء واسع الفم مثبت في الارض حيث كان يستخدم لتجميع مياه الامطار التي تتسلل خلال السقف المصنوع من القش .
وكانوا ينفردون بطريقة فريدة للدفن حيث كانوا يدفنون موتاهم على الجانب الأيسر تحت أرضيات المساكن .
حضارة الفيوم:
وهي تقع على الضفة الغربية للنيل شمال القاهرة وترجع الى عام 4400 ق.م وقد استمرت
1000 عام ومن بقايا الفخار الذي وجد لم يعثر الباحثون في مركز حضارتها على آثار للموتى والغالب أنهم قد دفنوا في مكان بعيد .
حضارة البداري:
وهي قرية في الصعيد على الضفة الشرقية لنهر النيل وأهم مايميز البداريون انهم كانوا يؤمنون بالبعث
( الحياة الثانية بعد الموت ) وكانوا يلفون موتاهم بالحصير ويدفنونهم مع حيواناتهم المحببة أو بعض
التمماثيل للحيوانات او النساء او الطيور .
حضارة تاسا:
وهي في الصعيد على الضفة الشرقية لنهر النيل شمال قرية بداري وتعود الى حوالي عام 4200 ق.م
عثر فيها على الفؤوس وأقداح وكؤوس على هيئة الزهر وأدوات زينة تكاد تقتصر على خرزات من صدف او عظم او عاج .
حضارة نقادة:
وتقع في الصعيد على الشاطئ الغربي لنهر النيل ويرجع تاريخها الى عام 3600 ق.م وكان سكان هذه
الحضارة عرفوا اللبن فبدؤيدعمون به جدران القبور وكانوا يدعون مع الميت في قبره الطعم والشراب والمتاع .
وكانت هذه الحضارة الممهدة لوحدة الحضارة المصرية التي ظهرت على وجه الأرض .
***
((عصر بداية الاسرات: العصر العتيق ( التيني) الأسرتان الاول والثانية 3200 – 2780 ق.م))
مدة حكم الأسرتين 420 سنة وكان مقر ملكهما مدينة "طينة" بعد أن وحد الملك "نعرمر مينا" مصر
السفلى ومصر العليا اي الدلتا والصعيد ومعنى كلمة مينا المؤسس أو الخالد ، وتذكر لنا بعض المصادر
التاريخية انه ربما يكون هو نفسه الملك العقرب ، ومن أهم الشواهد التي تدل على وجود هذا الملك
وتأسيسه لوحدة مصر هو لوح الأردواز الذي وجد في منطقة هيراكونبوليس "العاصمة الجنوبية القديمة".
واذا نظرنا الى هذه اللوحة نرى اسم الملك نعرمر في واجهة القصر الملكي ، واذا نظرنا الى جوانب
اللوح الاردوازي في الأعلى نرى نقشين على شكل بقرة تمثل الإلهة "حاتحور" آلهة الحب والجمال
عند المصريين القدماء ووجودها في اللوحة تمثل حماية دينية للملك وقد كان الملك يمثل تارة بلبسه
للتاج الأبيض "حدجت" والذي يمثل الجنوب في الصعيد وتارة أخرى يلبس التاج الاحمر "دشرت"
والذي يمثل الشمال في الدلتا وقد صمم فيما بعد تاج مزدوج يجمع هذين التاجين معا في تاج
واحد "سخم تي" ولا يسعنا المجال هنا لشرح هذه اللوحة أو صلاية الملك "نعرمر" ولكن الذي يهمنا
من هذه الصلاية هو توحيد "نعرمر" لأرض مصر بقسميها الشمالي والجنوبي الدلتا والصعيد .
والمعلومات الموجودة عن هاتيين الأسرتين قليلة ولكن الذي عرفناه من قبل الأثريين ان ملوك هاتين
الاسرتين كانوا أقوياء شديدي البأس وتقدمت مصر في عهدهم وأخذت الهندسة المعمارية ترقى
والتجارة تزداد بين مصر وما جاورها من البلاد مثل شبه جزيرة العرب.
يتبع...........
بسم الله الرحمن الرحيم
الأسرة الثالثة:
ومدة حكمها 80 سنة ( 2980 – 2900 ق.م ) وكان مقر حكمها مدينة "منف" أو "منفيس"
ومؤسس هذه الأسرة هو الملك "زوسر" وقد دام حكمه 29 سنة ويعد الى الآن اول ملك بنى
لنفسه مقبرتين :
المقبرة الاولى: بنى مقبرة على شكل مصطبة ضخمة من اللبن بمنحدر عميق وهي واقعة في
شمال العرابة المدفونة في بيت خلاف وهي شيدت على اعتبار انه ملكا للوجه القبلي.
المقبرة الثانية: وقد شيدت على اعتبار انه ملكا للوجه البحري وهي واقعة على الهضبة التي فيها
جبانة "منف" وهي المعروفة الآن "بسقارة" ، وهذه المقبرة تعد الى الان اقدم هرم في التاريخ
وهو مايعرف "بهرم زوسر المدرج" والمهندس الذي وضع تصميم هذا البناء هو "امحوتب"
وقد كان نابغا في الهندسة وراسخ العلم في الطب حتى انه اعتبر فيما بعد كإله للطب.
ويعد "زوسر" اول ملك توغل في نوبيا السفلى فيما وراء الشلال الى المحرقة في منتصف الطريق الى الشلال الثاني .
وقد خلف "زوسر" بعض الملوك الذين لايزال تاريخهم مبهما مثل الملك "سانخت" او "زوسر الثاني"
وكل مانعرفه عنه انه بنى لنفسه مقبرة في منطقة "بيت خلاف" يالقرب من مقبرة
"زوسر" وتولى العرش بعده الملك "حابا" او "خع با" ومن بعده الملك "نفركا" او "نب كاو"وهؤلاء لانعرف عنهم شيئا .
اما آخر ملوك الاسرة الثالثة فهو الملك "حو" او "حوني" ومعناه ( الضارب ) وقد اقام لنفسه
هرما في "دهشور" في جنوب "سقارة" وهذا الهرم هو الحلقة الموصلة بين الهرم المدرج
والهرم الكامل .
وللحديث بقية ..... عن باقي الأسرات ....
الأسرة الرابعة ( عصر بناة الأهرام ) :
انقضى عهد الاسرة الثالثة بوفاة سنفرو فأسس خوفو الاسرة الرابعة التي حكمت مصر قرنا
ونصف ( 2900 – 2750 ق.م ) تقريبا ، ويرجح ان عاصمة ملكها كانت منف .
وفي عهد هذه الاسرة المشهورة التي يعتبرها الكثير اقوى واعظم الاسرات المصرية حيث بلغت
مصر في عهدها ذروة المجد والحضارة ونستد على مبلغ القوة من تلك الاثار التي خلفتها
والاهرامات خير شاهد على عظمة ملوكها حتى ان هرم خوفو الاكبر بل بالجيزة يعتبر من عجائب
الدنيا السبعة ان لم يكن اعجبها واشهرها ، وكان القصد من بناء الاهرامات هو ايجاد مكان
حصين لجثة الملك لا تتصل اليها الايدي .
واذا تأملنا بعظم هندسة بناء هذا الهرم عرفنا كيف كان نظام الحكومة وثراء البلاد ، ولما مات
خوفو خلفه خفرع مشيد الهرم الثاني بالجيزة الاصغر ، وفي ايامه بدأت قوة الملك تضعف قليلا
بازدياد قوة كهنة أون ( عين شمس ) الذين دخلوا في غمار سياسة البلاد .
وقيل ان تمثال ابو الهول الذي لايعلم يقينا صانعه ، عمل في زمن الاسرة الرابعة وقيل ان ارتفاعه
يبلغ نحو 20 مترا وطوله نحو 46 مترا .
الأسرة الخامسة :
أخذ كهنة أون أو كهنة رع بعين شمس يستبدون بأمر البلاد في أوائل وبقوا على هذه الحال نحو
120 سنة حتى تمكنوا من إسقاط الأسرة الرابعة وتأسيس الاسرة الخامسة التي حكمت 150
سنة وكان مقر حكمها مدينة منف .
ولما كان الفضل في تأسيسها يرجع الى الكهنة كان ملوكها ضعفاء فأتخذ حكام الاقاليم من هذا
الضعف ذريعة الى جعل مناصبهم وراثية بيد انهم حافظوا على الولاء لمليكهم وساعدوه في العمل
على الحفاظ على حضارة وتراث مصر ، حتى ان أوسركاف اول ملوك هذه الاسرة امتد نفوذه الى
الجنادل الاولى للنيل ، وان الملك ساحورع الذي خلفه بعث حملة بحرية الى الشواطئ الفينيقية
واخرى الى بلاد بونت وشواطئ خليج عدن الجنوبية ، كما ارسل حملة برية الى شبه جزيرة
سيناء ، وان الملك اسيس ارسل حملة أخرى الى بلاد بونت وفتح محاجر وادي الحمامات
( الممتد بين قنا وبين القصير على البحر الأحمر ) ،
وان الملك أوناس اخر ملوك هذه الاسرة وطد دعائم سلطانه جنوبا الى الجنادل الاولى .
ولهذه الاسرة اثار عديدة منتشرة في انحاء مختلفة في الوجه القبلي ومنف ، وأشهر اثارها هرم
أوناس بجهة سقارة الكتوب على جدرانه من الداخل نصوص هيروغليفية تعرف بنصوص
الاهرام .
تحياتى
ملاك الحب