بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أرض الأردن كانت مسرحا لقصصهم في القرآن الكريم والكتاب المقدس
شهدت أرض الأردن عبر تاريخها الديني الطويل أحداث ووقائع لم تأخذ نصيبها الحقيقي في الدراسة والبحث حتى أن المرء ليشعر بشيء من المرارة أمام ما يحسه ويراه.
فأرض الأردن مباركة وفق نصوص آيات صريحة من القرآن الحكيم في مضمونها أو موضوعها أو سياقها العام.
كما تجدها في الآيات التالية (71و81 من سورة : الأنبياء. 1 من سورة: الإسراء 29و30 من سورة: القصص) إضافة إلى أحاديث شريفة جاءت بهذا الخصوص.
وقد وطئتها أقدام معظم الأنبياء والرسل فمنهم من عاش ومات ودفن فيها، ومنهم من مر بها من آثاره الشريفة الشيء الكثير وهي مباركة أيضا كونها المسرح الذي شهد وجرت عليه الكثير من قصص القرآن المجيد.
وأرض الأردن شهدت كفاح المؤمنين الأوائل قبل بعثة الرسول محمد (ص) وبعدها حيث المراقد والمزارات لآلاف المؤمنين و السالكين في مرضاة الله وهي مباركة حيث شهدت أشرف معركة ( مؤتة )بنمطها الخاص والفريد في الفترة النبوية واستشهاد أبطالها الأكثر قربا من رسول الله (ص) والتي لم يكشف عن أبعادها الحقيقية بعد واحتوت الأردن أجسادهم الطاهرة كذلك شهدت أمورا كثيرة مثل الدعوة العباسية والفاطمية والتحكيم وغيرها.
مقام النبي نوح عليه السلام
يقع مقام النبي نوح (ع) خارج الأسوار القديمة لمدينة الكرك، والكرك مدينة تاريخية ، تقع على بعد 130 كم جنوب عمان العاصمة وعند ملتقى طرق قديمة، عمر الكرك يزيد عن 7750 سنة، توالى على حكمها أمم كثيرة كالآراميين والموآبيين والآشوريين واليونان وكانت تدعى قير حارست وقرحى وصخرة الصحراء، ويعتقد أن نوحا قد صنع سفينته في هذا الموقع، والموقع عبارة عن غرفة مربعة تعلوها قبة جددت من العصر العثماني، ومن القديم جدا اعتبر هذا الموقع مباركا، وكانت سفوح التلال المحيطه بهذا الموقع تغطيها غابات كثيفة ذات أشجار عالية تصلح لصناعة السفن وبقايا هذه الغابات باقية لحد الآن، والتنور الوارد ذكره في قصة نوح هو موقع لتلة وسط انشقاق أرضي عميق يختلف لونها عن لون الجبال المحيط بها خرج الماء منها، وأعلى هذه التلة يدعى (خربة التنور) وهي على بعد 35كم عن الكرك وجدت عليها آثار قديمة جدا باقية لحد الآن.
مقام النبي هود عليه السلام
يقع مقام النبي هود (ع) بالقرب من جرش المدينة الرومانية الكاملة وعلى بعد 65كم من العاصمة عمان والمقام عبارة عن غرفة تعلوها قبة وأمامها حوش جدد بناؤه من قبل الدوله العثمانية في القرن التاسع عشر، بعث الله هودا إلى قبيلته (عاد)، وهي من أقدم الأمم وجودا وآثارا في الأردن، وهم أول من عبد الأصنام بعد الطوفان.
مساكن ثمود وقوم صالح عليه السلام
قبيلة ثمود هم قوم صالح (ع) بعثه الله لهم عندما جعلوا أصنامهم شركاء مع الله، فأرسله الله عز وجل واعظا ومذكرا بنعم الله عليهم، وكانوا قوما عربا وصالح (ع) من أوسطهم نسبا، فلما جحدوا آيات ربهم و عصوا، أرسل الله لهم الناقة آية تفتنهم، وكانت مساكنهم بالحجر والحجر منطقة تضم شمال الحجاز وجنوب الأردن (مدينة البتراء ووادي رم وما جاورهما) قبل حكم الأنباط لها وبعد هلاك عاد الثانية على الأرجح.
مقام لوط عليه السلام
يقع مقام النبي لوط (ع) في الغور الصافي على بعد 60كم من الكرك، وهو عبارة عن كهف على سفح جبل يطل على البحر الميت، ولوط ابن أخ إبراهيم (ع) تذكر كتب التفسير وقصص الأنبياء أنه جاء من العراق مع عمه إلى بلاد الشام ثم انفصل عنه ليختار الإقامة في الأردن ( سدوم وعموره وأدمه وصوغر) للدعوة لله في هذه المدن، وكان أهلها ذوي اخلاق رديئة ويمارسون الفاحشة في نواديهم و يقطعون السبيل وقد ابتدعوا المنكرات ما لم يسبقهم اليه أحد من خلق الله، فلم يستجيبوا لدعوة لوط و نصحه وهددوه بالرجم فبعث الله تعالى ملائكة لوط بأن أخرج وأهلك الا امرأتك فهي من الغابرين، فأمطر الله عليهم حجارة من سجيل وقلبت ديارهم، والبحر الميت كان يعرف ببحر لوط ولم يكن على هذه الصورة بل نتج عن زلزال ضرب هذه البلاد فجعل عاليها سافلها وصارت أخفض منطقة في العالم ( 804 متر تحت سطح البحر) وقد لجأ لوط وأهله إلى هذا الكهف الذي أتخذ فيما بعد مكانا لتعبد المؤمنين الأوائل ثم تحول إلى دير (عين عباطه)، كما وجدت أمام هذا الكهف كنيسة بيزنطية يرجع تاريخها إلى القرن الخامس أرضيتها من الفسيفساء الجميل، ويوجد على بعد 35كم من هذا المكان عمود جاف من الملح على هيئة إنسان يعتقد أنه بقايا زوجة لوط التي عصت تحذير الله بعدم النظر إلى الخلف وهي تهرب من سدوم، وقد اكتشف هذا الموقع ضمن القراءات على خريطة الأرض المقدسة في مأدبا التي تشير إلى ذلك، كما عثر في الموقع على ما يفيد أن هذا الكهف استخدم قبل فترة لوط (ع) بـ 1500 سنة، أما البحر الميت فقد أصبح المنتجع الأنسب في الوقت الحاضر للاستجمام والاستشفاء من أمراض الجسد والروح بفضل الله على هذه الأرض المباركة حيث تمتاز مياهه بالتركيز العالي للأملاح المعدنية والطين البركاني والجو المناسب.
مقام النبي شعيب عليه السلام
للنبي شعيب (ع) أكثر من موقع ومقام في أرض الأردن المباركة، فمقامه يقع على 15كم جنوب شرق مدينة السلط 40كم من عمان في واد يسمى باسمه، والكتاب المقدس يتحدث عنه باسم (يثرول) وكاهن مدين وحمو موسى، وشعيب بن ميكيل بن يشجر بن مدين أحد أولاد إبراهيم الخليل وأمه بنت لوط، بعثته كانت بعد لوط وقبل موسى (ع) بعثه عز وجل إلى أهل مدين، وقومه كانوا عربا عاشوا بنعمة وخير وكانت مدينتهم مركزا تجاريا وسوقا بقصد من كل مكان الا أنهم كفروا بربهم ومارسوا الغش والخداع فنصحهم وأنذرهم شعيب فطلبوا منه أن يسقط الله عليهم كسفا من السماء أن كان من الصادقين وهكذا أخذهم الله بعذاب يوم الظلة فسلط عليهم حرا شديدا حتى غلت مياههم ثم ساق عليهم غمامة فاجتمعوا تحتها ليتقوا شد حر الشمس فأمطرت عليهم نارا أحرقتهم، شهد مرقد النبي شعيب تجديدات عديدة كان آخرها ما نفذته اللجنة الملكية للأعمار الهاشمي لمقامات الأنبياء والصحابة حيث طور الموقع بشكل جذري وحديث ليظم إلى جانب مرقده الشريف مسجد وقاعة متعددة الأغراض يتوسطها حوش وسطه نافورة تحيطه أروقة مظلله، أما مدين التي وردت في الكتاب المقدس باسم مديان فقد ولد وعاش فيها شعيب وهي لازالت قائمة كقرية تقع شمال شرق مؤتة على بعد 10كم من الكرك، لدى أهلها الكثير من القصص والحكايات الموروثة عن تاريخها و الكنوز المدفوتة تحت أبنيتها وعيون المياه التي لازالت لحد الآن تحكي قصة استسقاء موسى لبنات شعيب، وهكذا عاش موسى في مدين عشر سنوات في خدمة شعيب وفي طريقهم إلى مصر وبليلة باردة ظل الطريق بحكمه إلهيه يقول تعالي (فلما قضى موسى الأجل وسار بأهله أنس من جانب الطور نارا قال لأهله امكثوا إني آنست نارا.. فلما آتاها نودي في شاطئ الواد الأيمن من البقعه المباركة من الشجرة أن يا موسى إني أنا الله رب العالمين) وهكذا كان بدء نبوته أما الشجرة فهي لا زالت تصارع الزمن لحد الآن، وتقع على بعد 12كم جنوب غرب الكرك تدعى (شجرة المايسة) وعمرها يزيد ثلاثة آلاف سنة، والقرية والآبار التي حولها جديرة بالزيارة والاهتمام بوضعها الحاضر حيث العفوية والبدائية كل شيء.
مقام النبي موسى عليه السلام
تفيد آيات القرآن الكريم أن موسى (ع) ولد وعاش في مصر، وأرسله الله عز وجل إلى فرعون لتخليص قومه من الذل و الهوان كما تفيد آيات أخرى كثيرة أن موسى خرج من مصر أكثر من مرة هاربا قبل نبوته أو راغبا بأمر من ربه، لهذا يوجد في أرض الأردن أكثر من مقام وموقع له، وجبل (نيبو) أحد تلك الواقع المهمة وترجع أهميته كما يذكر الكتاب المقدس إلى كونه المكان الذي شاهد منه سيدنا موسى أرض الميعاد في كنعان، وقد مات ودفن فيها، كما أن تابوت العهد قد اخفي فيه لحمايته من نبوخذ نصر، ومن هذا الجبل خاطب موسى ربه، وفي هذا الموقع بنيت كنيسة ذات أرضيه فسيفسائية رائعة ودير منذ نهاية القرن الرابع للميلاد توسعت حتى أصبحت تجمعا واسعا يأتي اليه الحجاج من كل مكان، وأمام بقايا هذا المجمع منصة يمكن منها مشاهدة البحر الميت والقدس وبيت لحم، كما وضع فيها نصب تذكاري برونزي يمثل أفعى مرفوعة على صليب إشارة إلى الأفعى التي رفعها موسى، كما يمثل صلب السيد المسيح، يقع جبل نيبوNebo غرب مدينة الفسيفساء مأدبا التي تبعد عن العاصمة عمان 33كم ويشرف على مصب نهر الأردن وعلى مدينة أريحا، وقد عرف هذا الجبل قديما بعدد من الأسماء منها نبه واباريم وصياغة وجنوب شرق الجبل وعلى بعد 7كم تقع مدينة نيبو (خربة المخيط) التي يعتقد أن موسى قد دفن فيها ويعود تاريخ بنائها إلى القرن الثاني عشر قبل الميلاد، وما أن استولى عليها الملك ميشع ملك ذيبان وموآب في القرن التاسع قبل الميلاد حتى دمرها وأفنى سكانها.
مقام النبي الخضر عليه السلام
يقع مقام الخضر (ع) في وسط مدينة الكرك التاريخية التي من أقدم أسمائها الصخرة أو صخرة الصحراء، والمقام قديم جدا يلجأ إليه المؤمنون للدعاء ونيل البركة، وفي القرن السادس عشر شيدت عليه كنيسة صغيرة لا تزيد مساحة أرضها عن 40م لارتباط المكان بما حوله، وكان التقاء موسى (ع) بالرجل الصالح عند الصخرة، كما توجد في الأردن ثلاث مقامات أخرى لا تبعد عن بعضها كثيرا للخضر، فالأول في ماحص، والمكان عبارة عن غرفه فوقها قبة خضراء صغيرة وعليها راية خضراء في وسط حديقة يقوم المؤمنون بزيارة المكان للتبرك والدعاء. والثاني في عجلون لم يبق من المقام سوى بعض الأقواس والحجارة القديمة، والثالث في بيت راس والمقام عبارة عن أحجار متناثرة هنا وهناك لمبنى واسع يستدل على ذلك من حجارته الكبيرة المنسقة.
مقام النبي هارون عليه السلام
داخل مدينة البتراء الوردية إحدى عجائب الدنيا السبع وعلى أحد قمم جبل هور المطلة على نهاية المدينة يقع مقام النبي هارون (ع) ومرقده، والمرقد عبارة عن غرفه وحوش، تعلو الغرفة قبة بيضاء، كتب على أعلى باب المقام تاريخ تجديده سنو 709 هجري، والقبر مجلل بخلعه خضراء وأمامه حجر أسود، ويعتقد سكان هذه المناطق بأن للمكان منزله عظيمة، ودعوة المتضرعين إلى الله فيه مستجابة لشفاء مرضاهم أو نزول المطر أو إخصاب الماشية، وهارون أخو موسى ووزيره وشريكه، والوصول إلى المقام من داخل مدينة البتراء فقط، ويتطلب جهدا لتسلق جبل هور.
مقام النبي يوشع بن نون عليه السلام
يوشع او هوشع (ع) من سبط يوسف، يقع مقامه على بعد 3كم من الشمال الغربي لمدينة السلط العريقه وعلى ارتفاع 1130متر عن سطح البحر، ويشرف على جبال نابلس في فلسطين، ويوشع هو فتى موسى، كما ورد في القرآن الكريم و يذكر الكتاب المقدس أن يوشع قد خدم موسى منذ الصغر، وآخر تجديد للمقام في عصر المماليك وهو مبني من حجارة قديمة ونقوش إسلامية، يعلو المبنى عدد من القبب تظهر عليها الصيانة غير المنسقة، وضريح يوشع من الداخل طوله أكثر من 6 أمتار مغطى بقماش أخضر، تعود سكان المنطقة زيارة المقام يوم الاثنين من كل أسبوع والمكان والأشجار من حوله دار أمان ولها حرمة لدى سكان المنطقة، والنبي يوشع بن نون (ع) تولى قيادة الجيش بعد وفاة موسى (ع) وقد حبست له الشمس وحكم بعده بأكثر من عشرين سنة، كان يتميز بأسلوبه الخاص بالدعوة إلى الله عز وجل.
مقام النبي سليمان عليه السلام
يقع مقام النبي سليمان (ع) في قرية صرفا على بعد 35كم من مدينة الكرك التاريخية، ويرجع تاريخ آخر تجديد لهذا المقام إلى العهد العثماني، والمبنى مربع الشكل طوله وعرضه لا يزيدان على 12متر، والجهة الجنوبية منه مقسمة إلى ثلاث غرف، الوسطى وضع فيها محراب وحورت إلى مصلى، أما حجارة أسس المبنى فقديمة جدا، ولم يجر أي تنقيب أو دراسات حقيقية حول هذا المقام، ويعتقد أن قرية صرفا كانت محل تجمع جنود سليمان، وقبل وصيه يوشع، فهناك مقام قديم جدا وسط مقبرة قديمة تنسب إليه تدل على ذلك بقايا حجارتها البركانية السوداء، وإلى عهد قريب، وفي مناسبات خاصة كان أهل المنطقة يلجأون إلى هذا المقام لنيل البركة وتوزيع الطعام والحلوى على الوافدين إليه.
مقام النبي الصابر أيوب عليه السلام
على بعد بضع كيلو مترات من مدينة السلط التاريخية وفي بطنا يقع مقام النبي أيوب (ع) والمكان عبارة عن بقايا أسوار وحجارة يرجع تاريخها إلى العهد المملوكي، تفق الدراسات التاريخية على أن النبي أيوب قد عاش ومات ودفن في هذه المنطقة التي كانت تدعى قديما (عوص)، وأيوب من سلالة سيدنا إبراهيم.
مقام النبي يحيى (يوحنا المعمدان) عليه السلام
على بعد 32كم جنوب غرب مدينة – الفسيفساء – مأدبا تقع قلعة مكاور التي بنيت سنة 90 قبل الميلاد لتكون حصنا منيعا لصد غزو الأنباط العرب وترتفع حوالي 730 متر عن سطح البحر، ومن هذا الموقع يمكن مشاهدة منظر رائع للبحر الميت وتلال وسط فلسطين والجبال الممتدة باتجاه القدس الشريف، اتخذها هيرودس بداية القرن الأول للميلاد قصرا للاستجمام والراحة، وتعود شهرة هذه القلعة إلى كونها المكان الذي سجن فيه النبي يحيى وقطع رأسه ويعتقد أن الرأس الشريف قد دفن في موضع ضمن الجامع الأموي في دمشق، وبقايا القلعة وأسوارها وأبراجها وقنواتها و أعمدتها وضخامة حجارتها كل ذلك يدل على عظمة المكان، وقد عثر فيه على أقدم قطعة فسيفسائية في الأردن يعود تاريخها إلى أواخر القرن الأول قبل الميلاد، وللوصول إلى مكاور الذي يتطلب بعض الجهد، يمر الزائر بقرية مكاور المعاصرة والتي تعتبر مركزا رئيسيا لحياكة البسط والإنتاج التراثي، وتنتشر في القرية وخارجها كنائس من الفترة البيزنطية.
مقام السيد المسيح عليه السلام
للنبي عيسى أكثر من موقع ومقام تشرفت به أرض الأردن، ولعل من أهم هذه المواقع مكان تعميد السيد المسيح (ع) شرقي نهر الأردن عند التقاء الطريق الروماني القديم بالنهر في منطقة تدعى بيت عنيا (وادي الخرار)، حيث قام بعماده يوحنا المعمدان، وبهذا أصبح المكان الذي يعرف (بمغطس السيد المسيح) من أهم وأقدس الأماكن التي يحج إليها الناس لينالوا بركة المكان وماء النهر، وفي أواخر القرن الخامس للميلاد بنيت كنيسة في الموقع على أقواس كي تبقى في مأمن من فيضان النهر في موسم الشتاء وذوبان ثلوج جبل الشيخ، وكانت هناك أدراج تصل الكنيسة بماء النهر، كما تشير بقايا الآثار إلى وجود أديرة وكنائس عديدة أسست إكراما وتخليدا للنبي يحيى وصعود النبي إيليا، كما أن النبي عيسى مواقع أشفى فيها المرضى والممسوسين بالقرب من جدارا (أم قيس) المدينة التي سطعت في التاريخ بشعرائها وجمالها ومعالمها الحضارية الباقية لحد الآن.
الشجرة التي استظل تحتها النبي محمد صلى الله عليه وسلم
لعل أول أرض وطئتها قدم الرسوم الأكرم محمد صلى الله عليه وسلم خارج الجزيرة العربية هي أرض الأردن بصحبة عمه ابو طالب وهو لم يبلغ العاشرة من عمره الشريف في قافلة تجارية لقريش، وفي منطقة الباقوعية (الصفاوي) حيث يقطن الراهب بحيرى، لاحظ هذا الراهب الجليل قافلة قريش وهي قادمة من الحجاز بأن سحابة تظل صبيا وشجرة انحنت وضمت أغصانها ليستفيء بها فدهش وحسب أنه هو النبي الذي بشر به الكتاب، وما أن تحدث إليه ومع عمه أبي طالب وكشف عن ظهره الشريف ورأى خاتم النبوة بين كتفيه حتى أيقن أنه هو النبي أحمد المرتجى، كما استظل الرسول الكريم مرة أخرى تحت هذه الشجرة المباركة عندما التقى بالراهب نستور وعمره الشريف لا يتجاوز 25 سنة وكان بتجارة لخديجة عليها السلام، وكل ذلك قبل بعثته صلى الله عليه وآله، وقد شاءت العناية الإلهية أن تبقى هذه الشجرة بكل بهائها وجمالها خالدة عبر الزمان في عمق الصحراء الأردنية في أرض جرداء لا تملك مقومات الحياة كمعلم ديني وتاريخي وشاهد على ما حدث، لقد دلت الحفريات الآثارية على مرور الطريق الصحراوي القديم للقوافل التجارية الذي يربط الحجاز بالشام عند هذا المكان، ومنطقة الباقوعية تبعد عن عمان العاصمة 215كم، وقد تبنت وزارة السياحة رصف الطريق الموصل إليها من الصفاوي وتنظيم المكان وتزويده بما يؤمن راحة الزائرين.