الملك عبدالله يرعى الأحد المقبل مؤتمراً تراثياً
يتناول تجارب دولية واستثماريةالتراث العمراني في المملكة يحصن «الهوية الثقافية» أمام التحديات ضيوف الندوة «من اليمين»»م.القرني، د.الحسين، د.المعيقل، د.السعيد،
د.البخيت، الزميل أحمد غاوي، والمنسق عبدالله مغرم من هيئة السياحة
أدار الندوة - أحمد غاوي، تركي العمري، تصوير - محمد الحسيني، عبدالله
العجمي
دعا مجلس الوزراء إلى الحفاظ على التراث العمراني بالمملكة، وتمويل
مشاريع القرى التراثية، بما يعزز من المردود الاقتصادي لصناعة السياحة في
المملكة، وهذا القرار الذي يُجرى تطبيقه بواسطة البنك السعودي للتسليف
والادخار، بإشراف ومتابعة الهيئة العامة للسياحة والآثار في جانب تمويل
القرى والبلدات التراثية، أطلق خطاً تمويلياً بسبعة ملايين ريال لدعم القرى
والبلدات التراثية، حيث تم توقيع اتفاقيتي تمويل لقريتي الغاط بمنطقة
الرياض ورجال ألمع في عسير بمبلغ سبعة ملايين ريال لكل قرية، حيث سيساهم
ذلك بشكل رئيس في ضخ مزيد من الفرص الوظيفية للمجتمعات المحلية، وكذلك في
جذب مزيد من السياح وتنمية سياحة أفضل.
"الرياض" من خلال "ندوة الثلاثاء" تسلط الضوء على هذا الموضوع من خلال
مختصين في جوانب التراث العمراني بالمملكة، وخاصة أن هناك عدة مسارات تبرز
الاهتمام بهذا الجانب التراثي الاقتصادي في المملكة، ومنها مؤتمر التراث
العمراني الأول في المملكة الذي سينطلق مساء الأحد المقبل برعاية كريمة من
خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز -حفظه الله-.
أطلال الماضي تنتظر الحماية والدعم
من إطلالة هذا الباب العتيق يبدأ الأمل في المحافظة على مخزون المملكة من
التراث العمراني
مفهوم التراث العمراني
في البداية قدّم "م.القرني" مفهوماً لمصطلح "التراث العمراني"، وقال: هو كل
ما شيده الإنسان من مدن وقرى وأحياء ومبانٍ مع ما تتضمنه من فراغات ومنشآت
لها قيمة عمرانية أو تاريخية أو علمية أو ثقافية أو وطنية، وامتد تاريخها
لفترة متأخرة، وتشمل مباني التراث العمراني القصور والمباني التاريخية
والقرى والأحياء التراثية، ومراكز المدن القديمة، ويدخل في ذلك القلاع
والأبراج الدفاعية، والمساجد والاسبلة والمدارس، أو ما يشبهها من مبانٍ كان
تأسيسها مرتبطا بأحداث تاريخية أو دينية أو اجتماعية أو اقتصادية أو أمنية
أو سياسية أو ثقافية، أو كان إنشاؤها يعكس نمطاً أو أنماطاً فنية في
العمارة أو الفنون الزخرفية المتصلة بها، بحيث تكون ذات دلالة على مدرسة
فنية أو حضارة تاريخية لها جغرافية معينة أو فترة زمنية محددة.
وتناول "د.السعيد" جانباً من مفهوم التراث العمراني، وقال: هو التراث الذي
يمتد إلى آلاف السنين بدءاً من العمارة الحجرية الموجودة بالمملكة، والتي
اكتشفها قطاع الآثار وشكّلها الإنسان وفق رؤية معمارية وهندسية، وإذا أردنا
أن نقيس التراث المعماري في بلدنا فهو يعود إلى أكثر من أربعة آلاف سنة
ويمتد إلى قبيل ما نسميه نهضة العمارة المسلحة أو نهضة عمارة الاسمنت، وحسب
تعريف اليونسكو للتراث العمراني فهو الذي يمتد إلى ما قبل خمسين سنة
تقريباً مع دخول المواد المسلحة للعمارة.
من ناحيته قال "د.المعيقل" يجب أن نفرق بين الآثار وبين التراث العمراني،
فالآثار تمتد فعلاً لعمق التاريخ والكثير منها أزيل ويحتاج إلى تنقيب،
والكثير من الدول تختلف في عملية الامتداد الزمني، فبعضها حددها بخمسين سنة
وبعضها أكثر أو أقل.
وفي الوقت الذي يرى "د.الحسين" أن كل منشأة ذات قيمة تاريخية تعد تراثا
عمرانيا حتى لو كانت مستخدمة، خاصة أن الكثير من المباني والقرى التراثية
مازالت تستخدم وهي تصنف كمنشآت ذات قيمة تاريخية، وللدول كذلك أنها تصنف ما
ترى له قيمة تاريخية حتى لو كان عمر هذا الأثر قصيرا، ولكن بشرط ألا تدخل
في بيئته البنائية أي مواد حديثة.
الجزيرة العربية
وركز "د.المعيقل" على جانب التراث العمراني في المملكة، وقال: بداية نتحدث
عن الجزيرة العربية من المنطلق التاريخي، لأننا لا نتحدث عن الفترة
الحديثة، بل عن الجزيرة العربية والتنوع والثراء العمراني الذي تتميز به،
فهي تحتوي على كم هائل من التراث العمراني، وهذا التراث يحمل تنوعاً تبعاً
للبيئات المختلفة، فالجزيرة العربية لدينا تنوع في البيئات الجغرافية،
وانعكس على طبيعة العمارة وعلى مواد البناء المستخدمة، وبالتالي لدينا
عمارة ذات طبيعة حجرية نجدها تنتشر في المناطق الجبلية مثلاً، ولدينا عمارة
طينية وهذه تكثر في المناطق السهلية كنجد وبعض المناطق الشمالية، كما أن
لدينا منشآت معمارية استخدمت فيها مواد البناء المستخرجة من البحر مثل
بيئات سواحل البحر الأحمر والخليج العربي، وكذلك هناك تنوع في التراث
العمراني الممتد -فهناك منشآت معمارية تعود إلى أربعة آلاف سنة،
ومن هذه المنشآت ما هو قائم بشكله الكامل وهناك ما هو مندثر جزئياً،
وبالتالي كل هذه المنشآت المعمارية هي من فترات مختلفة، وفي الحقبة
المتأخرة والتي هي ربما الفترة الشاهدة التي مازالت قائمة، هي المرحلة
التراثية ما قبل العصر الحديث نجدها في الكثير من القرى التي هجرت من
أصحابها في فترة ليست بالبعيدة وخرج الناس من القرى والمدن إلى المنشآت
الحديثة سواءً كانت هذه القرى مبنية بالحجر أو بالطين أو بغيرها من المواد،
ولذلك لدينا كم هائل والقرى القائمة والمنتشرة في كل مناطق المملكة وهي
شبه مهجورة.
سوق المجمعة التراثي
شمولية التراث
وأكد "د.الحسين" على أن التراث المعماري في الجزيرة العربية أو في المملكة
لا يقتصر فقط على المباني السكنية، وإنما هناك مبانٍ مختلفة الوظائف،
والتراث العمراني، ومنها نظم الري ونظم الآبار.
وقال: كل هذه الأمور هي نوع من التراث العمراني، وأيضاً مبانٍ على شكل
مدارس وفي بعض الأجزاء في المملكة وجدت أنواعا من المباني على شكل
مستشفيات، كذلك المساجد بأنواعها والأسوار التي تحيط بالمدن وغيرها من
التحصينات، وكل هذه تدخل ضمن إطار المباني التي تعد تراثاً عمرانياً،
وأيضاً هناك نوع من التراث العمراني وهو ربما بسيط لكنه يتعلق باستخدام سعف
النخل، وهو تراث له جذور وعميق جداً وقد يمتد إلى خمسة آلاف سنة في
المملكة وبقي في بعض مناطق المملكة خصوصاً في الواحات الزراعية.
المردود الاقتصادي
وربط "د.البخيت" بين قضية التراث العمراني والسياحة، موضحاً أن انطلاق
الاهتمام بالتراث العمراني وترميمه وإعادة تأهيله والمحافظة عليه تنبع من
منطلق علمي لا يخفى على الكثيرين، وهو أن أفضل وسيلة للمحافظة على التراث
العمراني عقب ترميمه وإعادة تأهيله هو تشغيله اقتصادياً بأسلوب يناسب هذا
التراث العمراني ويحترم خصوصيته ومكوناته وعناصره المختلفة، ويساعد على
إيجاد نوع من الإيرادات، خاصة أن الدراسات أثبتت انه لا يمكن تشغيل هذا
التراث بالشكل الاقتصادي الذي يحترم خصوصية التراث ويحافظ على هويته ولا
يعدل عليها، إلاّ بما تتطلبه عملية التشغيل الاقتصادي، وهذا أمر ضروري
لاستمرارية المحافظة عليه مما يحفظ الهوية الثقافية للمجتمع في الفعاليات
والمهرجانات
وأضاف أن الربط بين السياحة والتراث هو طموحنا في الهيئة العامة للسياحة
والآثار - وخاصة أن المباني والقرى والبلدات التراثية أماكن حية مليئة
بالنشاط الاقتصادي سواءً كانت أنشطة ضيافة وإقامة أو أنشطة تقديم مأكولات
تراثية أو مبيعات لسلع ومنتجات أيضاً تراثية أو أماكن تستضيف المهرجانات
التي تساعد على تعليم الكثيرين قيمة هذا التراث العمراني وأهميته بالنسبة
للبلد، فهي بالنسبة لنا منتج سياحي متميز يساعد على جذب السياح لزيارة هذه
البلدات والقرى والأماكن التراثية التي يتواجد فيها التراث العمراني، لأن
من أهداف السياحة الأساسية التي تسعى جميع الجهات السياحية في العالم على
تحقيقها هو زيادة عدد الزوار وزيادة فترة إقامتهم بالمكان الذي يأتون إليه،
وزيادة الإنفاق السياحي، مع احترم خصوصية هذا المكان، وهو بمثابة نقطة
الاتصال بين السياحة وبين التراث العمراني.
تجارب دولية
ثم تناول "د.البخيت" جهود الهيئة السياحة والآثار في هذا المجال، وأهمها
دراسة شاملة لإنشاء شركة للفنادق التراثية في المملكة تستفيد من مباني
التراث العمراني المتاحة، وإعادة توظيفها حتى تكون أماكن إقامة كفنادق
تراثية، ولذلك جرى مسح تجارب كثيرة متميزة في العالم، ومنها التجربة
الأسبانية، فلديهم شركة متخصصة في هذا النمط من الأنماط السياحة، حيث تم
الاستفادة من الكثير من المخزون في التراث العمراني الموجود في أسبانيا،
والمعروف عن أنه أندلسي وتراث إسلامي، وبدؤوا بإنشاء أول فندق تراثي كمبنى
تراثي عام 1922م، والآن تدير هذه الشركة الاسبانية والمملوكة للحكومة ما
يزيد على التسعين فندقاً تراثياً، وهناك في البرتغال شركة شبه حكومية وتمت
زيارتها للاطلاع تجربتها المتميزة، ونشاطها منذ أربعينيات القرن الماضي،
ولديهم ما يزيد على 40 فندقاً تراثياً جميلاً، وقد اطلعنا على تجربتهم
الناجحة في المحافظة على التراث العمراني لديهم وصيانته وتقديمه إلى العالم
بأسلوب جميل.
سياحة ثقافية
وأكد "د.السعيد" على أن السياحة والتراث العمراني مفهوم نضج في عقلية
الزائرين والسياح، خاصة مع وجود نوع من التوجه اليوم نحو السياحة الثقافية،
وإذا ما نظرنا لمصطلح "السياحة الثقافية" لوجدنا أن التراث بمفهومه الشامل
يتبع للمنظومة الثقافية، وخاصة مع التوجه العالمي الآن نحو السياحة
الثقافية، وإحصائية منظمة السياحة العالمية تقول ان أكثر من 80% من السياح
اليوم يقصدون أو يتركون بلدانهم من أجل السياحة الثقافية.
وقال إننا في المملكة لدينا مكون ربما لا يتكرر في الكثير من بلدان العالم
هو في المنتج التراثي، وتوظيفه وربطه بصناعة السياحة سيحقق قوة لصناعة
السياحة في المملكة، وبالتالي فإن توظيف التراث العمراني يحقق موارد
اقتصادية للتنمية الوطنية، ويخلق فرص عمل، فهيئة السياحة تشير دائماً لفرص
العمل المرتبطة بالتراث العمراني المنتشر في أرجاء المملكة حينما يوظف
التوظيف الأمثل من خلال إدارته ثم ترميمه وصيانته وتسويقه، حيث سيربط
التراث بالعملية الاقتصادية، مشيراً إلى أن هناك دولا قام اقتصادها على
توظيف السياحة الثقافية وجذب السياح وجعل هذه المواقع التراثية جاذبة
للقادمين للبلد أو المواطنين، فهناك اليونان، أسبانيا، ودول المغرب العربي
كتونس مثلاً بما فيها من مكونات من فنادق ومنتجعات وأماكن تتيح للسائح بأن
يحقق رحلة استجمامية وأيضاً يتعلم الكثير عن ثقافة السياحة العمرانية.
الحفاظ على التراث
ويشير "د.المعيقل" إلى أن السياحة كنشاط ترفيهي، تحولت اليوم إلى سياحة
معرفة، حيث أصبح البعد الثقافي في السياحة كبيراً جداً، ولذلك أصبح لا ضير
أن الإنسان ينتقل للبحث عن الترفيه، ولذلك ظهرت ما تسمى بالسياحة الثقافية
على مستوى العالم، وأصبح الإنسان ينتقل للبحث عن المعرفة، والخدمات الأخرى
التي تقدم لهذا السائح خلال انتقاله تحقق له الجانب الترفيهي والمعرفي بشكل
كامل.
وقال إننا في المملكة لا نزال في بدايات هذه المرحلة، وأعتقد أن تركيزنا
على السياحة الداخلية شيء جيد، لكن نحتاج للتريث قليلاً في تبنينا لهذه
الحركة السياحة، فما زلنا بمرحلة الصفر فيما يتعلق بمتطلبات السياحة، ولذلك
فإن سلوك السائح المحلي هو سلوك ترفيهي، فهو يذهب إلى المدن ويسكن في شقة
مفروشة أو في فندق ثم يذهب إلى المجمعات التجارية، وأعتقد أن المعادلة
الصعبة للعاملين في الهيئة العامة للسياحة والآثار، هي كيف نستطيع أن نعدل
من سلوك السائح المحلي أو كيف نستطيع أن نحدث النقلة النوعية في سلوكنا
المحلي في مفهومنا للانتقال من مكان إلى آخر؟، فمازلنا في جانب السياحية
الثقافية والمعرفية دون المأمول، وعلينا عدم لوم المجتمع لأن إمكاناتنا
التي نستطيع من خلالها أن نحدث النقلة محدودة جداً، ولازلنا في بدايات
التخطيط ومعالجة التراث العمراني، كما نفتقر إلى أنظمة وتشريعات تحافظ
وتقنن علاقة الإنسان بهذا التراث، مشيراً إلى أنه في الكثير من الدول يعد
هذا التراث مصانا ومراعى من خلال تشريعات تفرض على مالك هذا التراث أن
يحافظ عليه، والا يحدث فيه أي تغيير إلاّ بإشراف الجهات المعنية، ولدينا
هنا أصبحت قضية التراث قضية مستباحة حتى من قبل الجهات المعنية مثل
البلديات وغيرها وربما تغير الأمر قليلاً، لكن لازالت القضية تحتاج لعمل
كبير جداً.
ملكيات التراث..
وعاد "د.المعيقل" للحديث عن واقعنا السياحي وربطه بفرص العمل الحقيقية،
مؤكداً على أن قطاع السياحة يحتاج إلى عمل ضخم جداً، وجهد أكبر، فالجانب
الترفيهي هو الظاهر الآن من خلال الإمكانات المتاحة، فالشقق المفروشة
موجودة في كل شارع والمطاعم متوفرة بكثرة، وقال: إن البعد الاستهلاكي في
السياحة هو الطاغي في ثقافتنا المحلية، والسياحة الخارجية ربما تكون هي
مفتاحنا إلى إحداث النقلة لأن السائح الخارجي له مواصفات بعيدة عن الترفيه
أو للبحث عن الأسواق، والعمل بالسياحة الداخلية مع السياحة الخارجية جنباً
إلى جنب هو المخرج لنا لإحداث نقلة نوعية في طبيعة منتج التراث، وعلى وجه
التحديد نحتاج إلى أن نستثمر استثمارات ضخمة في منتج التراث في المنشآت
المعمارية، والدولة تحتاج إلى أن تستثمر بهذا الجانب، ولا يكفي أن نلوم
الناس أنهم غير مهتمين ببيوت، وأن يكون ذلك له مردود مادي له ضمن ضوابط
وتشريعات تحدد هذا المجال، وأعتقد أن مشروع القرى التراثية الذي تبنيه
الهيئة هو مشروع رائد، لكن يحتاج إلى أن يطور وتعمم التجربة.
وأضاف أن الإشكالية في التراث العمراني عندما نقارن باسبانيا، فليس لدينا
تلك المنشآت التي تستطيع أن نحولها إلى فنادق، فهناك قصور تعود إلى أسر
مالكة في فترات طويلة تحتوي على وحدات ضخمة، ونحن هنا نتحدث عن بيوت صغيرة
مجمعة بقرى سواءً كانت متناثرة أو ملتصقة، هذه البيوت لا بد أولاً أن نفكك
إشكالية الملكية فيها، فهي تعود إلى أسر وإلى إرث وربما يملكها ٤٠ - ٥٠
أسرة، فنحتاج إلى أن نعيد صيغة هذه الملكيات ونشرك أصحابها بحيث تكون هذه
المباني ضمن شركة واحدة، فمتطلبات السياحة كبيرة جداً وما تعمله الهيئة
كبير جداً على المستوى التنظيمي، ولكن حتى نستطيع أن نحقق النقلة النوعية
في السياحة، ولا بد من إشراك المجتمع بشكل أوسع في هذه القضية.
سياسة المحافظة والتنمية
واستعرض "م.القرني" التراث العمراني كمنتج ووعاء للكثير من الفعاليات،
مبيناً أن نظام الهيئة العامة للسياحة والآثار لقضية التراث يشتمل على
جزئيتين، هما: المحافظة والتنمية، وصدرت تعاميم على مستوى عالٍ من الدولة
ومن البلديات وإمارات المناطق تشدد على عدم إزالة أي منزل إلا بعد الرجوع
إلى الهيئة العامة للسياحة والآثار، وهناك تعاون كبير جداً من خلال أمراء
المناطق والبلديات في إبقاء البيوت التي لا تؤثر على الإنسان، وخلال
السنتين أو السنوات الماضية تكاد النسبة لا تذكر في إزالة المباني
التراثية، وفي الماضي كان هناك إزالات كبيرة في الكثير من المناطق، وكلما
كان المبنى تراثياً وبمواد البناء المحلية يعتبر تراثياً عمرانياً، وهناك
لجان مشكلة في جميع مناطق المملكة تسمى لجان المباني الآيلة للسقوط لمعالجة
المباني المهددة بالسقوط وليست لإزالتها، وتعد تقاريرها ثم ترفعها للهيئة
العامة للسياحة والآثار ثم يخرج مختصون من الهيئة ليقفوا على كل هذه
المواقع ويتأكدون من أن هذا المبنى فعلاً يستحق البقاء أم لا.
أجيال تتعرف على بيوت الأجداد عقب ترميمها في «أشيقر» بجهود أهل البلدة
قرض الترميم
ودعا "م.القرني" ملاك المباني التراثية بالمملكة إلى تقديم طلباتهم مصحوبة
بدراسة جدوى، خاصة وأن قرار مجلس الوزراء نص على أن يقوم البنك بإقراض
عملية ترميم المباني التراثية بناء على النظام الداخلي، والأنظمة الداخلية
للبنك تنص على أن يكون في ترميم المباني جدوى اقتصادية وبالتالي يحتاج إلى
أن يقدم مع طلب الترميم تقرير يفيد بنوعية الاستخدام.
وقال "د.الحسين" أعتقد أن قرار مجلس الوزراء يتجه اتجاهاً جديداً للحفاظ
على التراث العمراني وعموم التراث، والمملكة الآن تؤسس للاقتصاد المعرفي
الذي يتشكل معه الوعي الثقافي، وهو استثمار في الموارد البشرية والتي
يمثلها المواطن، مشيراً إلى أن المشروع السياسي الذي يقوده خادم الحرمين
الشريفين هو بحاحة ماسة لمشروع ثقافي وطني يتناسب مع هذه المرحلة الجديدة،
فخادم الحرمين تبنى نقل المعرفة وتوطينها من خلال برنامج الابتعاث الذي وصل
إلى حدود ال 70 ألف مبتعث ومبتعثة وافتتاح المزيد من الجامعات، وإقامة
المدن الصناعية، وكل ذلك لنقل المعرفة الثقافية وتوطينها في المجتمع
المعرفي ليكون بديلاً أو يؤسس لما بعد "النفط".
شراكة استثمارية
وأوضح "د.المعيقل" أن تجربتنا مع صناديق الاقتراض الحكومية كشفت أن إجراءات
الإقراض غير مدروسة دراسة جيدة، ودراسة الجدوى الاقتصادية لا تقوم على أسس
حقيقية، فغالباً ما تتعثر هذه القروض ويصبح مردودها سلبياً على المقترض
وعلى القطاع المستهدف للإقراض، فأعتقد أننا نحتاج إلى أن نرشد هذا القرار
ولا نريد أن يكون الإقراض فردياً خوفاً من الفشل في تحقيق الهدف ومن ثم عدم
القدرة على سداد هذا القرض الفردي، خلافاً للإقراض في المجال الصناعي الذي
تكون فيه دراسة الجدوى متقنة وفعلية ليست فردية، ولذلك أنا أعتقد أن هذا
القرار جيد وممتاز، ونرجو من المستفيدين أن يحولوا هذا الإقراض إلى قطاع
منتج.
وكشف "م.القرني" أن القرار الوزاري احتوى على عنصرين رئيسيين في مجال تنمية
التراث العمراني، الأول هو التنسيق بين الهيئة العامة للسياحة والآثار
والجهات ذات العلاقة بالخدمات مثل وزارة البلدية والقروية لتوفير الخدمات
داخل القرى والمباني التراثية، وإيجاد القاعدة الأساسية للاستثمار، ومنح
صاحب المبنى تراخيص لمزاولة الأنشطة التي تعيد حيوية المباني التراثية.
واتفق "م.القرني" مع "د.المعيقل" في عملية إيجاد النماذج الناجحة، والهيئة
العامة للسياحة والآثار عندما تبنت الكثير من المبادرات في مجال التراث
العمراني أخذت نماذج واقعية، فعلى سبيل المثال في محافظة الغاط، حيث لم
تكتفِ الهيئة فقط بتنمية القرية التراثية بصفة عامة، وإنما ركزت على مشروع
رئيسي وهو تصميم فندق تراثي عبارة عن تحويل ٨٥ منزلاً تراثياً إلى نزل
وفندق تراثي، وعملت الدراسات وسلمت، وسيبدأ عما قريب هذا المشروع، وفي خلال
ثلاث سنوات يستثمر هذا المبنى، وأيضاً في رجال ألمع هناك مشروع تراثي
للاستثمار إن شاء الله.
وأضاف أن الهيئة العامة للسياحة والآثار تبنت أربعة برامج، هي: البرنامج
الأول تنمية وترميم القرى التراثية على مستوى المملكة، حيث أخذنا سبع قرى
على مستوى المملكة، من منطقة عسير وتحديداً قرية رجال ألمع وقرية في
الباحة، والخبراء من القصيم وجبة من حائل وعندنا العلا في المدينة المنورة،
وحي الدرع في منطقة الجوف والغاط واشيقر بالرياض، والثاني برنامج المدن
وبدأت بجدة، وقد قدمنا ملف جدة لمنظمة اليونسكو، والثالث برنامج في
الدرعية، والرابع برنامج تطوير الأسواق في محايل عسير والرياض والخوبة في
جازان، وتسعى الهيئة بالتعاون مع جانب القطاع الخاص أن تكون هذه البرامج
مكتملة وجاهزة، مؤكداً على أهمية الترشيد في جانب الإقراض والانطلاق السريع
عما قريب في هذه المشاريع.
جمعية الحفاظ على التراث
وأوضح "د.الحسين" حول أهمية وجود جمعية للحفاظ على التراث عقب تبنيها من
هيئة السياحة والموافقة الرسمية عليها من وزارة الشؤون الاجتماعية، وقال:
إن وجود هذه الجمعية الأهلية دعم للمبادرات الأهلية، وأيضاً شراكة مع
المجتمع، وعندما توجد مثل هذه الجمعية وتتأسس بشكل قوي سوف يعول عليها
الكثير، من جانب نشر الوعي المجتمعي داخل المجتمع باستخدام جميع الوسائل
سواء بعقد الورش أو نشر الوعي العلمي.
وقال "د.المعيقل" إن وجود الجمعيات العلمية والجمعيات الأهلية المتخصصة
تسهم إسهاماً كبيراً في تنمية التراث العمراني، وأعتقد أن العمل الحكومي
وحده لا يكفي، بل نحتاج إلى مؤسسات مجتمع مدني فاعلة تستطيع أن توازن بين
المتطلبات المجتمعية في المناطق المختلفة، ودائماً مؤسسات المجتمع المدني
يكون لديها القدرة والمرونة في العمل والقدرة على التفاعل مع المجتمع
والنزول إلى المستويات الشعبية المختلفة، في حين أن القطاع الحكومي يهتم
بالقضايا التنظيمية وأسس العمل والإشراف والمراقبة، كما أتمنى أن تكون هذه
الجمعية الأم حاضنة للجمعيات الصغيرة في القرى والهجر.
القطاع الخاص
وأكد "م.القرني" على أهمية دور القطاع الخاص، وبالذات المؤسسات الاقتصادية
الكبيرة كلاعب أساسي في العملية التنموية في المملكة، وقال "أعتقد أننا
نعول عليها كثيراً لدعم المباني والقرى التراثية في المملكة وتقديمها
للأجيال القادمة، ونعول على هذه الشركات المالية الكبرى أن تقوم بالرعاية
وأن تقوم بالدعم.
المؤتمر الدولي
وقال "م.القرني" إن المؤتمر الدولي للتراث الذي سينطلق الأسبوع المقبل
يعتبر فعالية كبيرة جداً يجتمع فيها المختصون والمستثمرون وأيضاً المجتمع
المحلي، حيث يركز المؤتمر على توثيق التراث العمراني على مستوى العالم
الإسلامي وتشارك الهيئة في تنظيمه، وكذلك عدد من الجهات الحكومية المحلية
ومركز "ارسيكا" في تركيا، كما يركز على تبادل الخبرات بين الدول وعلى
التوعية بأهمية التراث العمراني، إضافة إلى إبراز الجانب الاقتصادي في
التراث العمراني.
وأضاف أن المؤتمر ينطلق من مدينة الرياض بشكل رئيسي، ولكن يوجد على مستوى
المملكة بالكامل فعاليات وورش عمل على مستوى الجامعات وورش عمل على مستوى
الغرفة التجارية، والهدف منه هو الانطلاقة للتفاعل بين المجتمع المجلس
والمستثمرين ومتخذي القرار والمختصين في إعادة تأهيل وتهيئة التراث
العمراني، وسيطلق من خلال هذا المؤتمر الكثير من المبادرات والتمكين،
مشيراً إلى أن الهدف من التمكين هو نقل الخبرات ونقل المسؤوليات من المستوى
المركزى إلى المستوى المحلي، بحيث فعلاً يشارك فيها الفرد والمجتمع
والمؤسسات سواء كانت جمعيات أو مؤسسات حكومية، أيضاً لدينا مبادرة "لا
يطيح" وهذه المبادرة انطلقت من المجمعة، واستعرنا هذا المصطلح وسنطلقه إن
شاء الله في هذا المؤتمر بحيث نعممه على مستوى المملكة، أيضاً لدينا مبادرة
تدريب المؤسسات والمقاولين المختصين، كذلك سيكون هناك تدشين الجمعية
الوطنية للتراث الوطني، وتدشين التراث العمراني في الجمعية السعودية لعلوم
العمران.
وبين "د.الحسين" أن هذا المؤتمر بمحاوره المطروحة والشمولية في المشاركة
وتعدد الأنشطة والورش سيكون نقلة نوعية تطرح بعمق وقرب للمجتمع والمواطن
ليلمس هذا التراث الذي ظل مهملاً ولسنوات طويلة، ومؤمل -إن شاء الله- أن
هذا المؤتمر يحدث يقظة اجتماعية كبيرة جداً في المجتمع وحراكاً كبيراً
للوعي بالتراث الذي ظل مهملاً زمناً.
وأكد "د.المعيقل" على أن مبادرة المؤتمر تمثل امتداداً لمبادرات المملكة
وقيادتها للعالم الإسلامي، حيث نعتقد أن فكرة هذا المؤتمر استمرار للأفكار
التي تبنتها المملكة، ويحق لنا أن نفتخر بأن ينطلق المؤتمر في مدينة
الرياض، وحضور مركز التراث والفن الإسلامي الموجود في تركيا المنبثق عن
المؤتمر الإسلامي مهم فله أدوار في هذا الجانب، كما أن ربط فعاليات المؤتمر
في الرياض بفعاليات مناطق المملكة الأخرى خطوة موفقة.
وقال "د.البخيت" إن رعاية خادم الحرمين الشريفين للمؤتمر مؤشر قوي الدلالة
على تبنيه -حفظه الله- لقضية الحفاظ على التراث، كما نشكر الأمير سلطان بن
سلمان على تفعيل هذه التوجه بأسلوب مهني واحترافي، وتسليط الضوء على قضية
التراث العمراني واستقطاب التجارب المتميزة في اسبانيا واليونان والبرتغال،
وبعض الدول العربية مثل الأردن والمغرب إضافة إلى تركيا، حيث ستعرض في
الجلسات الرئيسية وورش العمل بمقر المؤتمر الرئيسي كل المبادرات، ونحن في
قطاع الاستثمار في الغرف التجارية والصناعية في المملكة سنعرض ونعقد ورش
عمل في مناطق المملكة لكي يطلع مجتمع رجال الأعمال على الاستثمار في هذا
المجال وفي هذا النوع من الاستثمار، وهذا أحد أهم أهداف المؤتمر.
شركة مساهمة مدعومة
حكومياً للفنادق التراثية
تحتاج الثروة التراثية المبنية في المملكة التي تقدر ب (10) آلاف موقع موثق
تعود للعصر الإسلامي وعصور ما قبل التاريخ، لشركة كبرى يكون لها السبق في
تطوير العديد من المواقع التراثية حتى تكون نزلاً سياحية متميزة، ولذلك
تسعى هيئة السياحة والآثار لتبني ودعم إنشاء شركة لإدارة الضيافة والفنادق
التراثية، بحيث تسهم الدولة في رأس مال هذه الشركة وتشكل شراكة مع الشركاء
الرئيسيين من القطاع الخاص، وسيتحقق النجاح لهذه الشركة اذا ما منحت اتفاق
امتياز على المباني الحكومية التراثية لإنشاء مرافق جديدة أو لتتولى تحسين
المرافق القائمة، وخاصة أن عمليات ترميم مباني الضيافة التراثية تواجه
العديد من الصعوبات، بما في ذلك انعدام صيانة المباني الموجودة في المواقع
التاريخية إلى جانب محدودية المباني التاريخية الملائمة لتوظيفها سياحياً.
وفي الوقت نفسه يجب فيه أن تجد المقترحات طرقا مبتكرة وبديلة لتسويق
المواقع التراثية، وهناك مجموعة من المتطلبات يجب أن يتم اتخاذها كتحديد
القيمة التراثية للموقع وحمايته وتطويره من خلال مشاريع التجديد والترميم.
وسوف يسهم اختيار الفنادق التراثية وتحديدها في المناطق التاريخية في
المملكة وإنشاؤها على طرز تقليدية محلية، بمساعدة الهيئة العامة للسياحة
والآثار على حماية القيمة الاقتصادية للتراث المعماري بالمملكة، كما سيدعم
ذلك التركيز على القيم والعادات والتقاليد وكرم الضيافة في هوية الفنادق
التراثية في مختلف المناطق.
المشاركون في الندوة
د.خليل المعيقل
د.صلاح بن خالد البخيت
د.سعيد السعيد
د.فهد الحسين
م.محسن القرني
منفول جريد الرياض
المصدر
http://www.alriyadh.com/2010/05/18/article526703.html