خسر برائته من هذه الحياه الخائنة , وزوج أمه لا رحمه لديه
و هنا تبدئ الحكاية
هو مجرد طفل فاقد البراءة الحياة غدرته ولا يعرف غير الصراخ و البكاء و نسي اللهو واللعب ,
أراد الموت ..... لكن ما أدراه هو بالموت ؟
يظنها لعبة للمترفين و بالنقود فقط!
يسمع الكبار وهم يتهامسون :
فلان قتل , فلان مات
وهو يضحك و يقول متى بدورنا ؟
الكبار ينظرون أليه و الهمس يبدأ . . . و يسمع كلامهم و يردد سؤاله المعتاد
اسرائيل . . من هي ؟ أهي أمي ؟ أم أختي المقتولة ؟
لمحظوظة هي !
نسي نسمة الهواء العابر و نسي تحية السلام
و هم يتهامسون : أأتى ؟ . . . هل حان بدورنا ؟!
و يا لهذا الطفل . . . أيبقى ضمير ليسمع صوت هذا الطفل ؟
أم هم مجرد كلاب للنباح . . . .
يوما . . سمع بالسلام ظنا أنه أخا له , بكى . . . أدرك أنه لم يرى أخاه من قبل ولم يعرفه أبدا !
عيونه تحكي القليل و قلبه الغامض . . .
سمع صوت الأنفجارات و ناس تصرخ , ظن أنها ألعاب , مجرد ألعاب . . . فضحك
و أراد المزيد و هو يردد و يقول المزيد , المزيد أريد المزيد !
و أذ بهي تكتم فمه , و تقول كفى !! . . . و لكن ما أراده حصل
المزيد و المزيد و المزيد !
و البكاء أغرق المكان . . . . و قتها أدرك ما هذا الصوت !
رأى دخان و ظن أنها الغيوم المبعوثة كهدية من الله , وأول مرة أحس أنه غير قادر على التنفس
ظن أن الخالق اراد ذهابه , كما ذهب أخيه , و لكن بأي حق و كيف لهذا الرب بأن يسلب روح فقدت منها البراءة ؟
و ليله . . .
السكون عم فيها أرجاء المكان و نسمة الهواء و الموسيقى الهادئة و كأنه اليوم الموعود !
و أذ بلهفة منها . . بكلمة أنتظر لأن يسمعها : لمتى هالكصة ؟!
بلحظة كأن السماء رمشت بعينيها و ها هنا دور الطيور لنقل رسالتها الى هذا السماء العابر !
رمشت عينيه بقوله :
أين أنتي يا اسرأيل ؟ . . أدركت أنك لزوج أمي المكروه , أنك لمغتصبها . . .
أنتا تتكلم و نحن لا نفهم تقول : شات أب , و نحن نقول : لا أحنا مو أرهابين ,
و تقول : شات أب !
ما هي هذه الكلمة ؟
أهي من كلمات التغزل لديكم ؟
و الكل من حوله يردد :
هالكيت شو نعمل ؟!
كم هو جميل ببرائته و كم هو جميل بهذه الدمعة !
سألها ما الأستشهاد ؟!
أدركت أنه بطفل فاقد الأحاسيس و جاوبته أنهم بأولاد عمك المحبوبين !
أبتسم و قال و متى نلتقي ؟
بلهفة و يا لها من لهفة . . . أغمضت عينيها و قالت : نيالهوم هادول !
مسلم ناطق بالشهادتين فيقتل ! , و نصراني حامل الصليب و يقبل العذراء فيقتل !
سألها فكيف يقتلون أبشريني ؟
كأنها رواية المحبوبين و ينتظر كل كلمة بلهفة !
و أجابته : بالكلاشنكوف , فتعجب و قال : ما هذا ؟!
ارادت الأجابة و لكن هو لا يدري أن أخوه " سلام " قتل به
ولا يدري أنه جميل بألمه !
سمع سؤالها ألديك أصدقاء ؟!
فقال بكشرة من هؤلاء ؟!
ظن أنهم العدو , يا اللهي أين برائته ؟!
أين تلك الأبتسامة المرسومة على شفاه ؟!
أين هذا الطفل , ألا يستحق المجزة ؟!
أين الشاطئ و أين حنية الأسماك لهذا البحر
يافا , لاطالمة سمعنا بكي لكن لا سخاء للقدر . .
الأيام كالدقائق و الشهدة كانوا كاليوم الماطر !
جميعهم أحنوا لخبز أمهم , لكن زوج أمهم حرمهم من ذلك !
ذلك اليوم . . يوم الأنتفاضة أو يوم عيد الشهداء
أحس بالعار لأنه غير قادر على حمل السلاح , لا ليس للقتل !
بل للدفاع عن شرفه , شجرتهم الزيتون !
سألها ما هذا ؟ . . . وأجابته
الأحمر : أولاد عمك
الأخضر : أنه بشرفك
الأبيض : أخوك المقتول
الأسود : زوج أمك
نظر أليه بفخر و شخامة , أبتل بدموعها . . . تعابير وجهه !
أراد الكبر , لكن هذا مراد الله . . و أن يأتي يوما و أن تهرب النجوم من تلك السماء ,
و أن تهرب الأوجه من هذا الرسم الجميل !
و أن , و أن يبقى هذا الطفل بلا برائة !
سألها : ما واجبي ؟! . . . أجابته : الأيام قادمة !
بقي كالدمية . . يردد : ماذا تعني
و لماذا تلك الدموع على أطراف و جهها ؟ , و أين أبنائها ؟
لكن أحس بالحياء بأن يسألها !
يا اللهي كم من الوقت سيبقى ذلك الوغد عندهم ؟!
لماذا و طننا يعيش فينا , لماذا لا نعيش فيه ؟!
أليس من حقنا ؟!