أعادني
إعلان قناة mbc عن بدء بثها لمسلسل تركي مدبلج إلى العربية يتحدث عن
القضية الفلسطينية ومعاناة الفلسطينيين مع آلة الحرب الإسرائيلية، أعاد
إلى ذهني الحدث الذي جرى العام الماضي عندما انسحب رئيس الوزراء التركي
رجب طيب أردوجان من اجتماع منتدى دافوس الاقتصادي احتجاجا على الدفاع الذي
قدمه الرئيس الإسرائيلي شمعون بيريس ضد غزو قواته الاسرائيلية لغزة وقتل
الأبرياء فيها. من يومها وصورة أردوجان تتصدر الصفحات الأولى في الصحف
العالمية واستقبل في بلاده وبعض البلاد العربية استقبل الابطال، لأنه هو
الوحيد الذي استطاع الرد على التعنت الإسرائيلي.
اليوم، وبعرض المسلسل التركي "صرخة حجر" دخلت تركيا في صدام مع إسرائيل
التي حاولت بكل ما أوتيت من سلطة وجبروت ونفوذ من وقف بث هذا المسلسل
معتبرة أن مثل هذه الدراما تسهم في تكوين بذرة العداء والحقد وتغلغلها ضد
الشعب اليهودي، الذي لا يتصف بما تظهره وسائل الإعلام العربية والتركية
بأنه مجرم حرب وقاتل للأطفال، إلا أنها أي إسرائيل لم تفلح في ذلك بسبب أن
تركيا ورئيس وزرائها رجب قد اتخذا موقفا بضرورة مواجهة أداة الحرب
الإسرائيلية بالطريقة التي يرونها مناسبة للرد عليهم. ولعل أنجع وأفضل
وسيلة لهذا الرد هي الرد بالطريقة الفضائية وبث الدراما والأعمال
التلفزيونية الأخرى التي تصور بشاعة الاحتلال الإسرائيلي.
عندما قرر الأتراك إنتاج هذا المسلسل ربما يكون ذلك نابعا من إيمانهم
العميق بأنهم لا يزالوان جزءا من العالم العربي والأمة الإسلامية وأن نصرة
المسجد الأقصى والانتفاضة الفلسطينية والشعب الفلسطيني لاتزال أمانة في
أعناقهم حتى وإن حاولت أن تنسلخ من ذلك بمحاولتها الانضمام الى الاتحاد
الأوروبي الذي كما يقول أردوجان نفسه بأنه حلم لن يتحقق.
يقول القائمون على إنتاج هذا المسلسل الضخم بأنه يخاطب وجدان المشاهد
وعقله من خلال قصة تروي الواقع الفلسطيني كما هو في الواقع من قلب الأراضي
الفلسطينية المحتلّة حيث جرى تصوير الكثير من مشاهد العمل وأحداثه التي
يدور بعضها بجوار المسجد الأقصى.
كنت أتمنى أن تقوم الدراما العربية بإنتاج مثل هذا النوع من المسلسلات
التي تحكي قصة صراع عربي إسرائيلي ممتد عبر قرون من الزمان لأنهم هم
الأجدر والأعرف بتاريخ صراعهم أكثر من غيرهم. ولكن قد يشجع إنتاج مثل هذا
المسلسل التركي العرب على إنتاجات مماثلة تكسر الجليد الدرامي السائد في
المنطقة العربية الذي لا يحبذ إدخال الدراما في السياسة حتى وإن كان
الحديث عن عدو متربص بنا.