[b]الحمد لله
والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد :
أول هؤلاء
المبتلين وأشهرهم هو:
أيوب عليه السلام، زكاه ربه سبحانه وتعالى
فقال:
إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِرًا نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ
أَوَّابٌ
[ص:44]
وقد روى بن حبان والإمام أحمد في مسنده قصة أيوب على لسان الرسول عليه
الصلاة والسلام، فقال:
(لبث أيوب في بلائه ثمانية عشر عاماً،
فرفضه القريب والبعيد غير أخوين له، وذات يوم كانا يجلسان عنده، فلما قاما
وهما بالانصراف قال أحدهما للآخر:
تعلم أن أيوب أصاب
ذنباً عظيماً؟
قال: ولم؟
قال: لأن الله ابتلاه
منذ ثمانية عشر عاماً ما رفع عنه
قال: فلم يتمالك هذا
الرجل الآخر إلا أن رجع إلى أيوب عليه السلام فرجع إليه وقال له:
إن أخي يقول:
إنك ارتكبت
ذنباً عظيماً، وإلا فلماذا لم يرفع عنك الله البلاء حتى الآن؟
فقال أيوب
عليه السلام:
( أنا لا أعرف شيئاً من ذلك ، غير أني كنت
إذا سمعت الرجل يحلف فأخاف أن يحنث فأرجع إلى بيتي فأكفر عنه )
وهذه هي عادة
المؤمنين يكرهون أن يحنث في اسم الله العظيم، قد يكذب نفسه لكن لا يتحمل
أن يحنث في اسم الله
كما روى مسلم في صحيحه من حديثأبي هريرة
رضي الله
عنه:
قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
(أبصر عيسى
عليه السلام رجلاً يسرق، فقال له: أتسرق؟
فقال الرجل:
والله ما
سرقت، فقال عيسى عليه السلام:
آمنت بالله وكذبت بصري)
تكذيب نفسه أهون عنده من أن يحنث في اسم الله العظيم.
وقد
ذكرابن عبد البر قال:
أن عبد الله بن رواحة
- وهو شاعر النبي
عليه الصلاة والسلام - رأته امرأته يطأ جارية له، فغارت وجاءت بسكين، وقالت
له:
فعلت وفعلت. قال:
ما فعلت؟
قالت: إن كنت
صادقاً فاقرأ شيئاً من القرآن.
فأنشد عبد الله بن
رواحة - والمرأة ما
كانت تحفظ القرآن
فقال -: شهدت بأن وعد الله حــق وأن النار
مثوى الكافرين وأن العرش فوق الماء طـاف وفوق العرش رب العالمين وتحـمله
ملائـكـة غـلاظ مـلائكة الإلـه مسومين.
فألقت المرأة بالسكين
وقالت المرأة:
آمنت بالله وكذبت بصري.
هكذا فإن
العبد المؤمن يكره أن يحنث في اسم الله العظيم، يكذب نفسه ويكذب عينه من
كراهته لذلك .
كذلك فعل أيوب عليه السلام قال:
كنت أسمع
الرجل يحلف فأكره أن يحنث في اسم الله
فكان يرجع إلى بيته
فيكفر عنه، ثم إن الله تبارك وتعالى امتن على أيوب عليه السلام فقال له
تبارك وتعالى:
ارْكُضْ بِرِجْلِكَ هَذَا مُغْتَسَلٌ
بَارِدٌ وَشَرَابٌ
[ص:42]
فامرأته رجعت إليه
فوجدت رجلاً صحيحاً معافىً
فقالت له:
أي بارك الله
فيك! أما رأيت نبي الله أيوب ذاك الرجل المبتلى؟
قال: هو أنا.
وهكذا فإن الله تبارك وتعالى منَّ عليه وملأ خزائنه ورضي
عنه.
فكان أيوب عليه السلام سيد الصابرين، وضرب الله عز وجل به
المثل في القرآن كثيراً
قال صلى الله عليه
وسلم:
(كذلك نحن معاشر الأنبياء نبتلى ثم تكون
العاقبة لنا).
إن المهم بالنسبة للعبد المبتلى هو سلامة
القلب، فلا يضرك ما فاتك من جارحتك إذا سلم قلبك، ما كان عند أيوب عليه
السلام إلا قلباً.
وهنا قصة واقعية :
أن طفل
صغيراً عمره تسع سنوات، ولد وفي قلبه ثقب، ثم إن هذا الثقب أثر فيه فكان
معاقاً من أطرافه الأربعة ...
يتبع ...
[/b]