عاب الكثيرون على الجزائر اعتمادها بشكل خاص على اللاعبين المغتربين لتشكيل النواة الأساسية للمنتخب الوطني، رغم أن زياني وزملاءه متعلقين بوطنهم الأصلي حتى النخاع ويحبون جزائرهم مثلما نحبها نحن الذين نعيش تحت سماء هذا البلد، لكن الأمر هذه المرة وصل إلى حد السخرية من طرف بعض الفرنسيين الذين قالوا مؤخرا بأن فرنسا ستكون ممثلة بمنتخبين في كأس العالم في إشارة إلى مغني، يبدة، عنتر يحيى وغيرهم من اللاعبين الذين تقمصوا الألوان الفرنسية في الأصناف الصغرى، والواقع أنهم كانوا آخر من يجب أن يتكلم في هذا الشأن لأنهم في بلد موليير نسوا أو ربما تناسوا أن منتخبهم هو الأكثر استفادة في العالم من لاعبين ينحدرون من أصول ليست فرنسية، فلما تشاهد منتخب "الديكة" يلعب حاليا يتبادر لأي مشاهد منذ الوهلة الأولى أنه منتخب من إفريقيا السوداء قياسا بكثرة اللاعبين ذوي البشرة السمراء وحتى من المغرب العربي، وحتى نسمي الأسماء بمسمياتها ونكون أكثر دقة سنذكرهم بأن المنتخب الحالي يضم: مانداندا الكونغولي، بومسونغ الكامروني، سانيا، إيفرا، سيسوكو (ليون) من السينغال ، لاسانا ديارا رفقة سيسوكو (تولوز) من مالي، عديل رامي من المغرب، هنري وغالاس من جزر الغوادلوب، غوفو من البنين، أنيلكا من جزر المارتينيك والتونسي بن عرفة....ومادام أنهم قصدوا بحديثهم الإساءة إلى بلد الشهداء فلا بأس أن نذكرهم بأن فرنسا تضم حاليا الجزائريين بن زيمة ونصري، كما تزوج أبيدال وريبيري من جزائريتين أدخلا لاعبيهما إلى الإسلام، بالإضافة إلى هداف البطولة الفرنسية الموسم الماضي جينياك الذي والدته جزائرية، هذا دون الحديث عن أسلافهم عبر مختلف الأجيال على غرار الغاني دوسايي، الاسباني ليزارازو (باسك)، الأرجنتيني تريزيغي، الإيطالي بلاتيني...وصولا حتى إلى الرئيس الفرنسي ساركوزي ذو الأصول المجرية. صحيح أن الجزائر استفادت ربما من المدرسة الفرنسية التي كونت لنا عدة لاعبين، لكن الاستعمار والمعطيات التاريخية وما شابه ذلك هي من أملى هذه المتغيرات وجعل الكثير من الجزائريين يكبرون في فرنسا، لكن هذا لم ينقص من تعلقهم بوطنهم الأم بدليل أن طابور الراغبين في حمل الألوان الوطنية من أبناء المهجر يتزايد من يوم إلى آخر لأن هؤلاء اختاروا في النهاية العودة إلى أصلهم بكل بساطة وليس "التأصيل" كما يفعل الفرنسيون. فكل لاعبي المنتخب الجزائري على مر الأجيال والعصور أصلهم من الجزائر، لأن بلدنا ورغم إقرارنا بقلة الجودة المحلية فيه حاليا مقارنة بالسابق فإننا على الأقل لم نجنس اللاعبين حتى نٌصبح منتخبا قويا كما تفعل الكثير من المنتخبات، بل اجتهد المسئولين بقيادة روراوة في لم الشمل الجزائري من مختلف البلدان الأوروبية ليٌشكلوا مع أحسن اللاعبين المحليين منتخبا متماسكا استطاع بلوغ كأس العالم بعد صبر طويل دون اللجوء إلى أحصنة غير أصيلة، والمشكل ليس في التجنيس بقدر ما هو في الاستهزاء من الآخرين على عيب استأصل فيهم أولا، فكل منتخب في العالم له عيب معين كالمثل القائل "كلنا كالقمر...له جانب مظلم"، ومثلما نقر نحن بفضل فرنسا على البعض من لاعبينا كان على الفرنسيين من جهتهم أن لا يسخروا منا لأنهم أصلا محل سخرية العالم، لأنهم إذا كانوا يعتقدون أن فرنسا ستكون ممثلة بمنتخبين فإن بقية العالم يعتبر أنها ستكون المنتخب الإفريقي السابع في المونديال، وهم آخر من كان يمكن أن ينكر فضل الجزائريين عليهم مادام أن اللاعب الذي جلب لهم كأس العالم الوحيدة في تاريخهم أصله من الجزائر، أم لم يعلموا أنهم عندما كانوا يرددون في المدرجات لفترة طويلة "يا رب احفظ لنا زيزو" إنما كانوا يقولون "يا رب احفظ لنا الجزائر" دون أن يشعروا...وإلى حين يتخلص الفرنسيين من هذه الرذيلة تبقى "البركة" في جيادنا الأصيلة