جمال عبد الله
في سجن بيتونيا وللمرة الثانية يقبع الشيخ ماجد الخروبي أبو إسلام الشيخ الذي تجازه عمره الخمسين عاماً صاحب الوجه البسام والنظرة التي تحدث في القلب راحة واطمئنان وسكينة ما ان تقع عينيه عليك. هو من ينطبق عليه قول الرسول صلى الله عليه وسلم إذا ما نظرت له تتذكر الله ، في احد ليالي الوقائي في بيتونيا حيث كان الجميع معلق على أعمدة الأبواب الزرقاء كان صراخ الرجل يبدد صمت المكان وخطواته المتعثرة من دفع وصراخ العسكر قد جعلت رؤوس المشبوحين تشرئب تتحسس من خلال سمعها صوت الوافد الجديد . حاولت رفع الكيس العفن الذي وضع على رأسي لكي أرى الوافد الجديد لكن دون فائدة فقد كان الكيس محكم الإغلاق، تحسست السمع فسمعت احدهم يقول انه الشيخ ماجد الخروبي، ارتعدت فرائضي، وحالة من الاستنفار أصابتني وبلا وعي قلت الله اكبر عليهم هل أعادوا اعتقال الشيخ ماجد مرة أخرى بعد أن أمضى الشيخ 6 شهور كاملة في سجن بيتونيا ذاق خلالها اشد ألوان العذاب والألم ـ ولماذا يعتقل ماجد الخروبي مرة أخرى وهو الذي تجاوز الخمسين من العمر. لم يشفع عمر ماجد الخروبي له ولا انه طالب دراسات عليا في جامعه أبو ديس تخصص شريعة إسلامية ولا كونه أبا لسبعة أطفال، بنته الكبرى طالبه في كلية الهندسة في جامعة بيرزيت وابنه إسلام الذي سبق أن اعتقل لدى أجهزه السلطة طالب في جامعة أبو ديس اضطر للتوقف عن الدراسة من اجل أن يعيل أسرته بعد اعتقال الوالد الكبير ، أما الزوجة الصابرة فهي من تدير روضة أحباب الرحمن ،تضم طيورها تحت جناحيها تهدد عليهم تصبرهم بعد غياب الزوج الحنون. الشيخ ماجد في الشبح وعيون القوم تسخر منه وقهقهاتهم لطوله وضخامة حجمه لا تتوقف ومن حولهم اسرى حماس المشبوحون والمعلقون في صدورهم يقولون لا حول ولاقوة الا بالله ، ويدعون لأخيهم الذي بدأ بالصراخ من الدقيقة الأولى لعدم قدره يديه من حملان جسده ووزنه الكبير. صراخه كان له وقعان وقع مبكٍ ووقع مضحك، مبكٍ عند أصحاب القلوب الرحيمة عند المشبوحين شباب الحماس من يعيشون المحنة فكانت السنتهم تلهج بالدعاء ان خفف الله عن أخينا ماجد الخروبي، كنت اتمزق من داخلي كنت ابكي وأنحب وأنا اسمع له ينادي الله "ان ارحمني يا الله " اما الوقع المضحك فكان من الضباط والعسكر الذين كانوا يستمعون ويتلذذون على صوت الشيخ المشبوح وبضحكات استفزازية يقولون له خفف وزنك يا شيخ بصير الشبح اسهل ، واخر يقول له "سلم تسلم" خلص وانهِ ما عندك ولا تبهدل حالك انت رجل كبير عيب عليك ، واخر يقول انه لم يتعلم من المرة الاولى وعاد ليعمل مع حماس لا ترحموه. سكاكين كانت تخترق جسدي وانا اسمع هذه الكلمات أي حقد هذا الذي لف أفئدة القوم واي تربية هذه التي يتلقاها هؤلاء الجنود ، كيف ينعمون بالنوم كيف يقر لهم بال وكيف تغمض لهم جفون وابناء حماس يشبحون. الشيخ ماجد الخروبي علم من اعلام رام الله وعين من اعيانها، محبوب من قبل الجميع اقتيد من منطقة ام الشرايط في رام الله أمام ناظر الجميع وامام تذمر البعض من الطريقة البشعة التي انتزع فيها الشيخ من بين أحضان أطفاله، لمسته الأخيرة على رأس ابنه الصغير قبل ان يوضع في الجب العسكري وصراخ الزوجة عليهم وهم يقتادونه يا ظلمه يا مجرمين ربي ينتقم منكم ربي يحرمكم اولادكم وجنات النعيم، وصراخ اسلام لا تقلق يا ابي فليلهم إلى زوال وبكاء بناته بلا صوت مناظر بقيت محلقة ومسيطرة على تفكير الشيخ ماجد أثناء شبحه واعتقاله. الشيخ الذي امضى اكثر من شهر بعد شهر كامل من الشبح على ارضية لا يوجد بها بطانية او فرشه يتشرب جسده برودة المكان ، مازال معتقلا في سجن الوقائي بيتونيا ليكون مجموع ما أمضاه تسعة شهور ولم تنته المدة بعد ينتظر قرارا بالإفراج عنه قد يكون شفقة او منة، ولكنه ليس استحقاقا في بلدة قرر فيها السيد الرئيس اعلان حالة الطوارئ فقط على حماس ومؤسسات حماس لك الله أخي ماجد الخروبي ولكنها كما تعلم أخي انها الحرب، هي الحرب التي تشن على حماس منذ ثلاثة اعوام وكان قرارنا الصبر والاحتساب ولا رد أو جواب لنا سواه.
| 
