غيض من فيض
عندما يتحدث مسئول عن (الإصلاح) فهو بهذا يعترف بوجود الخلل .
تعالوا لنطرح بعض الأسئلة حول هذا الأمر :
حسناً أيها المسئول .. ومن هو المسئول عن هذا الخلل ؟
كيف ولد الخلل ، ونما ، وكبر حتى أصبح بهذا الحجم ؟
ما هو الحليب الذي رضعه « الخلل « في طفولته، وحسب أي نظام تعلّم المشي ، وفي أي مدرسة تلقى علومه الأولى ، ومن الذي منحه القوة لكي يمشي متبختراً أمام الملأ كأنه أكثر صواباً من الصواب .. وأين « القانون « الذي يجب أن يقبض على أمثاله ؟!
لنسأل مرة أخرى :
الذي ارتكب الخطأ .. هل يبتكر الصواب ؟
وبشكل آخر : المنظومة التي ترتكب الفساد .. هل بإمكانها ابتكار علاجه ؟
ما هو الإصلاح ؟
هل هو ترميم ؟!
أم بناء فوق بناء هش ؟.. أم أن المسألة تحتاج لهدم أحياناً ؟!
بعض الأشياء إصلاحها : إلغاؤها !
نعود إلى الخلل !
هل ولد فجأة ؟.. أم أن هنالك علاقة محرمة كان نتيجتها هذا الطفل المشوّه ؟!
بين من ومن حدثت هذه العلاقة الآثمة ؟!!
هل نكتفي بمحاربته ، أم نبحث عن الأسباب التي ساعدت على وجوده ونحاربها أيضا .. فالأسباب التي أنجبته ستنجب غيره ؟.. ويمتد الأمر من الحليب الذي رضعه، إلى الشارع الذي مشى فيه والمدرسة التي قرأ كُتبها، وصولاً إلى القانون الذي لم يقبض عليه : من هنا يبدأ الإصلاح !
الإصلاح ليس فصل موظف وتعيين موظف بديل.
الإصلاح : أن نسأل كيف توظف الموظف السابق ، وأين النظام والقانون عندما حدث الخلل وارتكب الخطأ ؟
الإصلاح : محاسبة الموظف السابق إذا أخطأ ، وآلية جديدة لتعيين الموظف الجديد ، ومؤسسات تراقبه وتراقب أداءه .
الإصلاح : لغة جديدة ترفض اللغة القديمة بما فيها من كلمات مستعبدة ، وصورة جديدة نجت من غبار الصور القديمة التي تجاوزها الزمن ، وتفكير جديد يعي كل ما يحدث حوله ، واستيعاب حقيقي للتاريخ وحركته ، وقراءة للمستقبل ، وإيمان بحتمية التغيير .
الإصلاح يحتاج إلى الشجاعة .. لا إلى المراوغة .
يحتاج إلى العلاج الحقيقي.. لا إلى المُسكّن المؤقت .
وكلما تأخر بالقدوم ، كلما اصبح أكثر صعوبة ، وأعلى ثمناً .
هذا هو الإصلاح .. غير هذا ، فإن « الإصلاح « الذي تعرفونه بحاجة إلى إصلاح !!
كل هذا الكلام باعتبار أن هنالك : جديّة في هذا الحديث ..
فهنالك من يتحدث عن إصلاح بيته وليس في ذهنه سوى تغيير دهان السور الخارجي !