مجنون المنتدى
عدد المساهمات : 9940 تاريخ التسجيل : 03/02/2010
| موضوع: رواية قصيرة.عينٌ عليها.. وعينٌ على قبر أمها الأربعاء أغسطس 31, 2011 3:36 pm | |
| رواية قصيرة.عينٌ عليها.. وعينٌ على قبر أمها
بسم الله الرحمن الرحيم
(عينٌ عليها.. وعينٌ على قبر أمها)
الأول,,
في زمن قريب , وفي قرية جبلية هادئة ذات طبيعة خلابة ورائعة وبين تلك المزارع الخضراء والأشجار الباسقة, وفي ذلك الريف الهادئ,, تسكن أسرة في بيت متواضع, مكونة من أبوصالح ( الشايب ),, أم صالح ( العجوز ) ,,صالح ( المسافر دوماً )لأنه يعمل في مدينة بعيدة.. يكدح من أجل توفير لقمة العيش الكريمة لأهله.. يمسك ثلث راتبه ويرسل الباقي إلى أهله نهاية كل شهر ,, سارة تلك الفتاة ( الحسناء )..... سارة بنت الأول ثانوي, تعيش في كنف بل كفن والديها.. ذلك الأب في عقده السابع,,, صعب التفاهم ,متعكر المزاج , كثير الخروج من البيت,... وأماً حادة الطباع, كثيرة التوجع, سليطة اللسان....
تعيش الأسرة الصغيرة في بيت صغير متواضع كتواضع حياة سكان القرية, مكون من دورين...حيث ينام الشايب في المجلس, وأما العجوز والتي قد أعياها المرض ( فلم تعد قادرة على صعود الدرج, وقد نقلت غرفة نومها إلى غرفة أخرى سفلية كانت قد خصصت للضيوف, وبذلك لم يبق في الدور العلوي سوى غرفة سارة,, والغرفة المجاورة لها, غرفة صالح.. الضيف الخفيف على أهله.........
هاهي سارة.. والتي قد سحرت بجمال وجهها, وروعة طلتها, وبهاء شكلها, وبديع خلقها..
كما أن الله قد حباها فصاحة كلام, وسلاسة أسلوب, وخفة ظل,, مزجت بابتسامات تمتع السامع والمشاهد , وبلذيذ حديث ماتع , ونعومة صوت دافئ ,ومما زاد جمال طلتها ووضاءة مقدمها.. حياءً.. تشرئب فيه احمراراً,, وحشمةً تغطي ناعم البشرة و جميل الجسد , فالأعين لا تكل والأنظار لا تمل من مشاهدة.. وجهها والذي يدخل السرور إلى القلب , أو شعرها الليلي الأسود والطويل.. المنسدل على أمتانها وقد كسا قدها المياس, أو فتنة أطرافها المتخضبة دوماً بالحناء, فــالوجـه مثل الصبح مُبيضٌّ .......... والشعــر مــثــل الليل مسودُّ
ضــدّانِ لـمـا استجمعا حسُنا .......... والضــدُّ يــظهــر حُسنه الضــدُ
بيضـاء قـــد لبس الأديم بها .......... ء الحسُن ، فهو لجِلدها جِلـــد
وتــجيــل مسواك الأراك على .......... رتـل ٍ كــأن رضـــابــه الشهـد
وبـــخصــرها هــيـف يزيـنـه .......... فـــإذا تـــنـــوءُ يـــكــاد يــنـقـــدُّ
نعم ..لقد ذاع صيتها, وتناقل الناس أخبارها, بل أصبحت حديث المجالس , وأمنية تحلم أن تكون مثلها كل العرائس , فلا عجب أن تتسابق الأمهات لخطبتها في شراسة, فهي اختيار لا يحتاج إلى فراسة , فكل أم تتمناها لابنها , وكل أخت تحلم أن تكون لأخيها,, فمن هو سعيد الحظ , بار الوالدين..؟ و الذي ستكتب له!!!!!!
لقد كثر الخاطبون والمتقدمون.. فلا يكاد يمر الأسبوع إلا وقد تقدم فيه شباب كالزهر كثر..... ولكن هيهات.. هيهات!!!!!!!!!!!
فالشايب كان دوماً بالمرصاد,, كلما أتى شاباً رفض أن يزوجه,, بحجة أنه لا عائل لهم سواها, وأنه لا ينوي تزويجها إلا إذا رجع أخوها من السفر...
وبقي الأمر بهذا الشكل وسارة في كل يوم تغيب شمسه.. تندب حظها العاثر أن أحرمها أبوها من فارس حلم كان سيأتي لإنقاذها من هذا البيت الكئيب,, ومن هذه الحياة المملة,, فهي ترجو حياةً سعيدة, وآفاقاً بعيدة, تملؤها المودة والرحمة.......
أكملت سارة الثانوية وتخرجت بامتياز , وقد قبلت في الجامعة في المدينة المجاورة 20كيلومتر عن القرية,, وحين دخلت الجامعة لم تكن قد علمت بأن صيتها قد اشتهر وخبرها قد انتشر,, فتفاجأت بأعين الطالبات تسترق النظر, وأصابعهن تشير إليها في حذر, ثم حدث لها بعد ذلك موقف أخافها.. وهو أنها ومن أول يوم دوام.. وقعت بين أيادي عصابة من الطالبات المسترجلات ..حاصرنها, ثم أخذن منها حقيبتها اليدوية عنوة, وفتشنها.. وأخذن نقودها وبعض أغراضها الخاصة .....
خافت تلك الفتاة الريفية الشريفة .......منهم
تقوم سارة بتحضير العشاء دوماً بعد صلاة المغرب , ليصلي الشايب وعجوزه صلاة العشاء , فيخلدان للنوم مباشرة, وتبقى وحيدةً في المنزل في عزلة مملة مخيفة ,,,فلا صاحب ولا أنيس...........
صالح.. أخوها الوحيد.. بدأ يقدر صعوبة الوضع , وضيق العيش, وكثرة الملل ( الطفش ) الذي تعاني منه .. وفي أحد الأيام, وفي ساعة متأخرة من الليل,, رن جرس الهاتف, فقامت إليه مسرعة , وقد ظنت أنه أخوها صالح كالعادة.. على أن يترك لها المجال أن تتحدث هي,,
سارة: نعم..نعم
الشاب: ممكن تسمعيني شوي..
سارة: من أنت؟؟
الشاب: واحد معجب!!
سارة: يا أخي اتق الله ولا تزعج الناس .
ثم أغلقت سارة السماعة بغضب.. ناس ما تخاف الله.........
لم يستسلم ذلك الشاب, بل إنه بنعومته, فقرر ملازمة الاتصال بهذا الرقم ,,كيف لا؟؟ وقد سبق له العلم بأن هذه الفتاة والتي ردت عليه هو هذا الشاب ؟؟وما حكايته؟؟ وكيف علم بسارة؟؟
الفصل الثاني,,
من هو هذا الشاب وكيف علم بحسن سارة؟؟
إنه سلطان ...وقد ولد وفي فمه ملعقة بل ملاعق من ذهب , ابن لأثرى رجالات المدينة, فأبوه صاحب أموال كثيرة, ومناصب عالية .., كما أنه.. لطيم (أمه ميتة)..,,وهذا ما جعل والده يدللـه كثيراً, ويحرص على تلبية كل رغباته ..حتى أحس سلطان أنه يستطيع تحقيق كل أمانيه,, فليس في هذه الدنيا مشقة ولا تعب..........
في الصباح يدرس سلطان في الكلية إرضاءً لوالده ..رغم أن أكثر أوقاته أثناء الدوام يكون فيها هارباً من المحاضرات ,, مستلقياً مع شلته في إحدى( قهاوي) المدينة.. بين دخان وشيشة,,
كما أن مساءه لا يختلف كثيراً عن صباحه,, فهو كسابقه يضيع في الملذات, ومغازلة البنات, وكثير الدوران بالسيارة امتاز سلطان عن غيره من الشباب بميزة منحه الله إياها,, أو لعلها كانت ابتلاءً يبتلى به المرء,, فقد آتاه الله فوق المال والجاه.. بسطةً في الجسم ,, وجمالاً في الوجه ,, وملامح جذابة.. مربوع القامة, عريض المنكبين, مستدير الوجه, لا تعجب
فلك أن تتخيل سلطان عندما يلبس الثوب المركوز, والشماغ الأحمر الفاخر, وتلك الجزمة الأنيقة,, وقد فاح من جسمه المتنعم .. ازكي العطور الباريسية ...
لقد كان لسلطان(زعيم الشلة).. استراحة, يجمع فيها أصحابه نهاية كل أسبوع, يشاهدون فيها التلفزيون, ويقيمون فيها سهرات غنائية حيث يغني سلطان لهم بصوت أجش, وكأنه من كبار المطربين.. وفي يده العود ومع الآخر دربكة والبقية يصفقون ويرقصون....الخ, كما أنهم أيضاً يضيعون أوقاتهم بلعب البلوت وغيره , , ويمارسون إزعاج البيوت بالاتصالات في ساعات متأخرة من الليل..., أما أكثر ما يشغلهم .. إنك لن تجد في تلك الاستراحة ما يريح النفس, أو يمتع الخاطر كذكر الله أو إقام صلاة ,, كما أنه ,,( ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشةً ضنكا * ونحشره يوم القيامة أعمى......) الآية ..
وفي إحدى ليالي الاستراحة.. تحدث سلطان (مزغلل عيون البنات),,مع إحدى فتياته الساقطات.. كعادته,, وفي أثناء المحادثة, أخبرته بأنها تعرف بنوته جميلة تدعى(سارة),, ( ولكن للأسف تراها مطوعه , يعني يا سلطان ما راح تعطيك وجه لو تموت )........."إن كيدهن عظيم"..!! تحدته بأن يصل إليها وأن يحادثها..وسبب هذا التحدي هو.,., <الغيرة (تمنت الزانية لو تزني كل النساء.. ليصبحن سواء)..........
قبل سلطان بالتحدي فوراً وأخذ رقم الهاتف,,,, وهكذا اتصل ب(سارة)..........
ألح سلطان بالاتصال, ففي اليوم الواحد يتصل غير مرة,, تحتار سارة هل هو صالح الذي على الهاتف..؟ أم أنه ذاك الشاب الوقح المزعج , فأصبحت ترد ولا تتكلم, فإذا تحدث صالح تنفست الصعداء وتهلل وجهها وتحدثت ,,, وإن لم يكن (صالح).. فلا ريب أنه الشاب المزعج
وبعد مرور فترة طويلة على هذا الحال, قررت سارة الوحيدة (مجازاً) في البيت أن ترد على ذاك الشاب..حتى توقفه عند حده, فتنتهي من معاناتها معه, ومن إزعاجه لها,,,,
اتصل كعادته:....
سارة ترفع السماعة: يا ابن الناس تراك أزعجتنا, حسبي الله عليك ..متى تمل أنت؟؟ .....ناس فاضية وما تخاف من دعاء المظلوم....
سلطان:اسمعي يا قمر أنا اسمي سلطان ..وأنا إنسان بصراحة معجب,, عشان كذا ما مليت ولن أمل.....
سارة: طيب ليش تدق كل يوم؟؟ بسألك بالله مو حرام عليك تزعج المسلمين؟؟؟
سلطان: أدق عشان اسمع ها الصوت الحلو.. إلا مو حرام عليك أنت تحرميني من صوتك؟؟
سارة: يا أخي بالله عليك اتركنا في حالنا.. وخلك في حالك,, أنا ماني من الناس إلي تدور عليهم...
واستمرت الاتصالات المزعجة مرة بعد أخرى, لتستمر معها الردود الحادة من طرف واحد.. والعبارات المرنقة العذبة والمزيفة من الطرف الآخر.. من سلطان ( مزغلل عيون البنات ) صاحب اللسان المعسول, والصوت الأجش, بعد مرور فترة على هذا النسق,, بدأت سارة بالاعتراف لنفسها.. بأنه قد وقع شيء ما في نفسها.. من أثر تلك المكالمات,,, ولم لا؟؟ وهي مرهفة الإحساس, رقيقة المشاعر, ممتلئة العاطفة , حبيسة الجدران, مقصوصة الجناحان...فرغم مقاومتها, وشديد مساومتها, وصعوبة مراسها, اقتنعت سارة بأنه ليس لها بعد الله تعالى.. سوى هذا الشاب المشاكس العنيد... فهو قد أضحى أنيس وحشتها,, ومشغل فراغ وقتها,, فأصبح قلبها يرن مع جرس الهاتف فرحاً..رغم أنها كانت في بداية الأمر تكابر, وتخفي صادق الإحساس والمشاعر,,
بلا ريب..لقد كانت تلوم نفسها بعد إغلاق سماعة الهاتف, على ما تم من محادثة, وما جرى من حديث, تلك البقية الباقية من الحشمة, والقطرات الأخيرة من الحياء؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
كان سلطان يحادثها كل ليلة, ولساعات طوال دون ملل,, فالكهلان نائمان ولا رقيب,, ازداد تعلق سارة به, بل لقد بادلها نفس الشعور الصادق, فرغم علاقاته الكثيرة مع العديد من الفتيات.. إلا أنه وجد أن سارة أجملهن صوتاً, وأدفأهن عاطفةً, وأكثرهن مرحاً ولطفاً,, فمال القلب إليها ميلاً عظيماً ,,وانتابه إحساس لم يعرفه من ذي قبل, وما زال يطمح بأن يراها.. فلم يعد التحدي مع تلك الفتاة.. هو الدافع !! بل أصبح الدافع داخلي ..شعور بالحب,,وإحساس بالعشق.... وليس نزوات شيطانية كالتي كانت مع سابقاتها,,فهل سيحصل على مراده ؟؟؟؟
طلب المحب من المحبوبة أن يراها,, سواء كان ذلك عن بعد,, أو عن طريق صورة لها,, أو بأي وسيلة تراها هي... المهم أنه يريد رؤيتها بأي ثمن..!! فلم يعد لديه للأكل لذة.. ولا للنوم متعة..
بالطبع رفضت طلبه كل الرفض , فمازال للحشمة مكان وللحياء مكانة, وأخبرته بأنه إذا كان مصراً على طلبه فليأت لخطبتها ,,وهنا سيتمكن من رؤيتها كما شرع الله تعالى..
بسرعة نور البرق .. وبلهفة الصحراء للمطر.. انطلق المدلل سلطان إلى والده, طالباَ منه أن يزوجه من تلك الفتاة........ وتم قبول الطلب فوراَ (فسلطان غالي والطلب رخيص)...........
دخل.. سلطان ووالده إلى مجلس الشايب , وتقدما بالطلب ..ولكن( تزول الجبال ولا تزول الطبائع ) تم الرفض كالعادة , وبذات الحجج والأعذار الواهية...!!, رجع سلطان إلى بيته "غضبان أسفاً", فهاهو الحلم قد تبدد, وهاهي الأماني قد تلاشت, فكيف السبيل إلى وصالها, وما هو الطريق إلى لقائها؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
نفس الشعور بالإحباط والإحساس باليأس قد خيم على محيا سارة, بل إنها فقدت الأمل بالحياة,, فلم يعد للسعادة محل, ولا للفرح مطل.....
عاد سلطان ليحادثها, وليتباحثا مستقبلهما الذي أزفت شمسه على المغيب, وأوشك أن يكون" كسرابٍ بقيعةٍ يحسبه الظمآن ماءً حتى إذا جاءه لم يجده شيئاً "...فقررا أن يلتقيان ليحددا ما سيفعلان وليجدا الحل في تلك المصيبة الكبيرة< مصيبة العشق>..!!!
اقترحت بأن يدخل سلطان من نافذة غرفتها الملاصقة للجبل المجاور,, فهي سهلة الدخول بالنسبة له كما أنها بعيدة عن أعين الرقابة بشرط هام( دون مساس) فالهدف من اللقاء التعرف والتخطيط للمستقبل فقط..!!! كما أن هذا اللقاء سيكون الأول والأخير,, وبكل سرور وفرح, وتلهف وشوق,, وافق سلطان..........
في ساعة متأخرة من ليلة باردة سماؤها صافية وبدرها بازغ.. اقترب سلطان من ذلك المنزل الصغير الذي أصبح في عينيه بمثابة قصر عاجي تسكنه فتاة من حور الجنة.. تقدم رويدا رويداً,, وفي كل خطوة يخطوها للأمام كانت تزداد فيها نبضات قلبه خفقاناً, وأطرافه برودة,, فشعوره بالخوف هذه المرة وبهذا القدر يعد أمراً غريباً, والسبب أنه يتجه ليرى من رسمها خيالة, ومن بنى عليها أحلام حياته, فهل سيرى ما كان يتوقعه..؟؟ وهل ستتحقق له أكبر أمانيه..؟؟
أما سارة ففي لحظات الانتظار لم تستطع الجلوس وكانت قد تصببت عرقاً, بالرغم من برودة الليل, وفي كل دقيقة تمضي يزداد فيها رجيع أنفاسها سرعة, فكانت بين الوهلة والأخرى تحدث نفسها (لازم ما أخاف ...ولازم أكون واثقة من نفسي.. وراح يكون وفيّ وما بيلمسني ..والمسلمون عند شروطهم..!!).....الخ ,,الفرق بينها وبين سلطان,, أنها للمرة الأولى التي تلتقي فيها برجل أجنبي عنها (غير ذي محرم) بل وتختلي به ...وأين؟؟؟ في بيت أهلها!! وداخل حجرتها..!!
سنكمل
.................................................. .................................................. ..........
"يا أيها الناس اتقوا ربكم واخشوا يوماً لا يجزي والدٌ عن ولدهِ ولا مولودٌ هو جازٍ عن والده شيئاً إن وعد الله حق فلا تغرنكم الحياة الدنيا ولا يغرنكم بالله الغرور"
*
الفصل الثالث,,
لما اقترب سلطان من النافذة, أحست سارة بقدومه.. فجلست مدبرةً ظهرها له, من شدة الخوف والارتباك..وهي التي لم تستطع الجلوس منذ ساعات.. فلما نظر إليها عبر النافذة وكان لم يدخل بعد.. رآها وقد أدبرت حياءً وخجلاً < فلا لوم >... ثم سمعها وهي تتمتم ..تؤنب نفسها مراراً على أن وضعت نفسها في هذا الموقف الصعب ,, فأدرك سلطان حالها واستدرك الموقف بذكاء,, فقال وقد تمالك أعصابه وجمع قواه وارتد أنفاسه...........
السلام عليكم ورحمة الله..(من أجل أن يطمئنها)..فليست عادته السلام...
سارة بهمس لا يكاد يسمع: وعليكم السلام ................
سلطان ومن خارج النافذة: ما أدري اقدر ادخل ولك الأمان ولاّ ؟؟؟؟
سارة اشتد بها الوجل وانعقد لسانها فلم تنطق!!!
سلطان: إذا ما تسمحين ترا عادي بكلمك من هنا بس واجهيني على الأقل ...........
بقيت سارة مدبرة ظهرها إلى سلطان دون حراك لبضع دقائق,, حدتث فيها نفسها بأنه يجب أن تكون قوية شجاعة, وبأنها فرصة العمر الوحيدة لترى فيها من أحبته,, خصوصاً وأن هذه المقابلة الغير شرعية هي الأولى والأخيرة.......الخ,, حتى وصلت بها الجرأة والحماسة أن تقبل إليه وتريه حسن وجهها والذي قد سترته من أعين الرجال طول حياتها عفةً وحشمةً وديناً.............. ....
التفتت إليه بسرعة ..و بنظرات كعيني الصقر, طأطأ سلطان رأسه حيناً ثم عاد لتقع عينيه على عينيها.. في لحظات صمت كأنها الحلم,, وليدهش كل واحد منهما بجمال الآخر, لم يصدق سلطان ما رأت عينيه, كما أن سارة لم تكن قد نظرت قبل إلى شاب وسيم بهذه الدرجة كسلطان..
بعد أن حصل اللقاء وكأن القمر في تلك الليلة قد أمسى ثلاثة ..قمران في الأرض والثالث في السماء.. لم يدخل سلطان في تلك الليلة بل اكتفى بالحديث والنظر من خلف النافذة, وكان لسارة ما اشترطت فلا مساس ولا التماس ......
أُعجِبت سارة من تلك المقابلة بما فيها من رومانسية لم تعهدها من قبل, وإثارة أخرجتها من عزلتها في الحياة, بل لقد ازدادت إعجابا بذلك السلطان, ليس لجاذبيته فقط !! بل لحسن تصرفه وذكائه أيضاً, ونبله وصدق مشاعره حيث تجلى ذلك في تحقيق شرطها وإجابة طلبها, فهاهي قد أحست بالأمان معه والاطمئنان إليه..,
مع مرور الأيام الطوال, وتغير الأحوال, أصبح سلطان دائم التردد على غرفة سارة, يجمعهم هناك الحب والعشق الشريف, وتبادل الأحاسيس, وفضفضة الهموم, ورسم المستقبل, وأحاديث أخرى عن هذه الدنيا ومشاكلها...
لاحظ أصحاب سلطان أنه قد تغير كثيراً في الفترة الأخيرة, حيث أنه لم يعد يطيق الجلوس معهم مثل سابق عهده, ولم يعد يرتاح لواقعهم الكئيب.. ذاك الواقع الذي كان ظاهره السعادة والمتعة.. وباطنه الضنك والهم..بل إن أحدهم قد أخبرهم بأن سلطان أخذ ما جمعه في سنينه الطويلة مع ***** الناعم من أرقام هواتف وصور ومذكرات ورسائل غرام وأشرطة مسجل وفديو وهدايا وذكريات...... جمعها في يوم واحد و أشعل فيها النار..!! فلا سقيا لتلك الأيام التي قد خلت.......
وحقيقة ما حصل لسلطان.. أنه قد بدأ يتأثر بآراء سارة وتوجهاتها المتدينة, ونصائحها المتكررة, وإن كان قد حصل منها ما حصل( فما زال في المؤمن خير ما لم يكفر..!), وكل بحسب إيمانه......
لم يعد يترك سلطان الصلاة كما كان في الماضي, كما أنه قاطع أصحاب السوء, بل إنه باع استراحة الفساد" بثمن بخس...", كما أقلع عن التدخين فحسنت أخلاقه مع الآخرين....... باختصار ,, عرف معنى الحياة بشكل أوسع, وعقل انضج.. فالحياة تجارب,,,,
لقد تعاهدا على أن لا يتزوج أحدهما إلا الآخر.. وكانت كل ليلة تمر من أعمارهما يزداد فيها حبهما لبعض, فتتآلف الأرواح وتسكن النفس بالارتياح, وفي كل تلك المدة لم يهم احدهما على الآخر بسوء, ولم يتجاوز أحدها حدود الأدب.. فضلاً عن شبك الأيادي أو تبادل القبلات أو غيرها من المحذورات...,
ولكن الزمن كفيل بتطور العلاقات, وقد حمل في طياته أقدار الله تعالى, فكل شيء قد لا تتوقعه.. يأتي بالتدريج, كما أن كثرة المساس تميت الإحساس.. وما عظيم النار إلا من مستصغر الشرر....
تمر الأيام فتشتبك الأكف,, وما هي إلا أيام أخر ليأتي العناق,وقد نسيا أو أنسيا قول الله تعالى"ولا تقربوا الزنى إنه كان فاحشةً وساء سبيلاً",, وما يجرى الآن هو القرب من الزنى بل ويفضي إليه,, وقال الرسول صلى الله عليه وسلم "ما خلى رجل بامرأة إلى كان الشيطان ثالثهما"..
حتى جاءت تلك الليلة لتحدث فيها عقوبة عصيان أوامر الله ومغبة ارتكاب نواهيه ....
ففي ليلة سوداء معتمة,ظلماء قاتمة, التقى العشيقان كالعادة..وفي بضع ثوان قليلة.. أصبح الاثنين فيها ثلاثة!! فما ظنكم باثنين ثالثهما الشيطان؟؟؟؟ ليلةٌ وضعت العين فيها بالعين, واليد باليد, وتقاربت الأجساد, فثارت الغرائز لتغطي العقول, وتفجرت براكين الشهوة, ليقعوا في كبيرة من الكبائر وفي حد من حدود الله ,, فـ"همت به وهم بها".. لتحصل الزلة, وتحل اللعنة, وتنقلب موازين الحياة, عندما أتاها كما يأتي الرجل حليلته....نعم في بضع ثوان قليلة !!!!
ذهلا العشيقان مما حدث...بعد أن عاد العقل إلى صوابه, والبركان إلى ركوده,, وفي لحظات ندم وحسرة يجوبها السكون, وقد ملأت الدموع العيون, خرج سلطان من تلك الغرفة, ومن ذات النافذة <والذي كان قد دخل منها مراراً>... وقد عزم أن لا يعود إليها ثانية... فبأي وجه يقابلها وقد خان عهده لها, وأي عذر يعتذر لها وقد لطخ شرفها... فما بقي له من خيار إلا أن يغادر بلا رجوع, لعل الله أن يحدث بعد ذلك أمراً.... .............
بعد شهر واحد من تلك الأيام العصيبة, والتي مرت سنين كسنين يوسف على الحبيبين وقد تباعدا, وحصل بينهما ما حصل ..يأتي قدر الله بصاعقة عظمى وطامة كبرى ...أدهى وأمر من سابقاتها............
بكل أسف وأسى.. تكتشف سارة أنها حامل...!!!
بعد ذلك الحدث الجلل.. ذرفت دموع سارة كالسيل فما جفت عينيها قط.. ولسان حالها... "يا ليتني مت قبل هذا وكنت نسياً منسياً"... فلم تذق طعم النوم أبداً ,, حتى ذبل جسمها الجميل, ونحل عودها الرقيق, فبقيت طريحة الفراش ...
تدور عجلة الحياة بلا توقف لتمر أشهر الحمل ويأتي المخاض فترفض سارة الذهاب للمستشفى خشية الناس <فقد كرهت الناس من زمن بعيد> ولتستر ما يمكن ستره ..ولتجعل ما سيلُم بها من ألم.. كفارةً لذنوبها وإعلاناً لتوبتها .. اشتد الألم واستدعيت الجارات القريبات ليساعدن أم صالح في توليد سارة....
وبعد أن اشتد المخاض في آخر ساعات يوم الجمعة وأبركها.. وبعد تلك الأدعية التي خرجت من قلب تائبة لله ترجو رحمته وتخاف عذابه.. أنجبت سارة مولدة "بنت"........وبع د الولادة مباشرة.. والنساء منشغلات بالطفلة, سرعان ما ترتفع حرارة سارة ويزداد خفقان قلبها قوة وسرعة... فيسرعن النساء لتكميدها, ومحاولة إنزال درجة حرارتها, والعناية بها , إلا أن قدر الله كان اسبق.. والموت إليها أسرع ..."هو الذي يحيي ويميت فإذا قضى أمراً فإنما يقول له كن فيكون"..............
ترتج القرية بخبر انتقال سارة إلى جوار ربها, وقد تركت لوالديها هم ذلك العار... (رحمة)" سمتها جدتها بهذا الاسم لعل الله أن يرحم أمها بها فتكون شفيعة لها"......... ...
سارة والتي أخطأت خطأ عظيماً, وارتكبت ذنباً كبيراً.., هي في الواقع مؤمنة تائبة .....لم تكفر بالله ولم تخرج من الملة!! فبالرغم من ذلك مازالت في أعين أهل القرية ( سارة الزانية ) ....فلم يغسل جسدها بالماء والسدر ..الماء يكفي.. لأن السدر لا يجوز بحقها (زعموا) .., ثم لفت في أثوابها الخمس (الكفن)....فما صلى عليها سوى ثلاثة من رجال القرية وأمها فقط , وقد اختلف أهل القرية الحكماء في أمر مهم ....أين تدفن؟؟ فهل ندفنها في مقبرة القرية مع آبائنا وأمهاتنا وإخواننا وذوينا..؟؟؟ أم ندفنها في طرف مزرعة والدها, حتى لا يقال " لقد دفنوا في مقابرهم زانية" ...........
حملت على الرقاب بليل....وحفر قبرها في طرف مزرعة والدها كما خطط له... قام والدها <والذي قد تقطع حسرة> بإنزالها إلى القبر...وجهَت إلى القبلة, وبُنِيَ عليها اللحد, وقام الناس يتخطفون الطين من كل مكان.. ويهيلون التراب عليها.... "وقد سُمِع في تلك اللحظة من يتعوذ من حالها ويستعيذ من مآلها .........تلك النهاية المبكية كانت نهاية الحسناء سارة .....ولكن ماذا عن سلطان؟؟؟؟؟؟؟
وفروا الدموع.......حين نكمل,,
.................................................. .................................
"يا أيُها الذينَ آمنوا قُوا أنفُسَكُم وأهليكُم ناراً وَقُودُها النّاسُ والحِجَارة عَليها ملائكةٌ غلاظٌ شِدادٌ لا يَعصُونَ الله ما أَمَرَهُم ويَفعَلونَ ما يُؤمَرون"
*
الفصل الرابع,,
قبل الحديث عن سلطان, وبعد ما يقرب من العام على وفاة سارة, هناك حدث هام لابد من ذكره.. ألا وهو موت صالح ..العائل الوحيد لعائلته, حيث توفي وهو نائم (سكته قلبية) وهذا مما جعل الحمل يزداد على كاهل (الكهلين)أبو وأم صالح..من حيث النفقة والتربية والاهتمام ب(رحمة) ورعايتها..........
سلطان والذي لم يعلم ما قد حدث لسارة من بعد تلكم الأحداث, حيث أنه لم يعد مجدداً إلى هناك, ولم يحاول حتى الاتصال ..فقد تغيرت حياته تماماً, فهاهو سلطان بعد مرور خمس سنوات عن تلك القصة.........
سلطان إمام مسجد الحارة .. سخر ذلك الصوت الشجي في ترتيل كلام الله بعد أن كان يغني ويحي الأمسيات ,,فشتان ما بين هذا وذاك..وهو صاحب تلك اللحية السوداء المرتبة التي قد زادت من حسنه ورجولته (فسبحان من زين الرجال باللحى, والنساء بالحلى), أكمل دراسة الكلية, ليتخرج ويعمل بنفسه, فثروة والده لم تعد تعني له شيء, فهو يزعم أنه يريد بناء مستقبله بنفسه...ولكن المقصد الحقيقي هو الانشغال بالعمل والابتعاد عن التفكير والذكريات الماضية...و سلطان.. صاحب شخصية محبوبة لدى جميع زملائه..لأنه يتمتع بأخلاق فاضلة وبشاشة دائمة وكرم حاتمي وتواضع جم..........
في أثناء دوامه في يوم من الأيام قدم إليه صديقه خالد عازماً إياه بمناسبة زواج أخيه محمد ... خالد: لا تنسى تكفى الزواج يوم الخميس.
سلطان: ابشر ..ابشر..
خالد:ولا تنسى بعد إن الحضور على حسب عوايدنا بعد صلاة العصر مباشرة..
سلطان: بس شكله بدري مره .!!! ليه هو الزواج ما هو في صالة؟؟؟؟
خالد:لا يا رجل ... فضلنا نخليه عندنا في القرية... أمتع وأوفر وهذا هو المهم..........
سلطان: هههههه طيب ليش من العصر..
خالد: فيه أكلات شعبية تجنن ويحبها قلبك نحضرها بعد صلاة العصر ..
سلطان: دام الموضوع كذا لا والله إلا بنصلي العصر عندكم هههههههههه
خالد: على العموم نسق مع الشباب على أساس تجون في سيارة وحدة.. أفضل لكم وراح نكون في استقبالكم.....
سلطان: طيب ما أدل!!
خالد: سليمان خوينا جاني أكثر من مره هو دليلكم...........
في اليوم المحدد تجمع الزملاء في سيارة سلطان, وتوجهوا لتشريف زواج محمد الأخ الأصغر لصاحبهم خالد ,وأثناء القيادة يندهش سلطان من وصف الطريق فالطريق ليس بغريب .. بل هو مألوف جداً !!! أليس هو طريق قرية سارة<يتساءل>....يقشع ر جلده وترتعد فرائسه وترتخي قدماه, ثم يقول لنفسه "هذا شيء ما هو مهم المهم تشريف الرجال وكلها ساعات ونرجع ...الله يعين"....وفعلا كان توقعه صائباً, فالزواج في منزل لا يبعد سوى أمتار قليلة عن بيت سارة.....
وصل الزملاء إلى البيت الذي به حفل الزواج عصراً... فسلموا وباركوا ثم جلسوا لشرب القهوة كعادة جميع شعوب العرب, ولحاجة ملحة في نفس سلطان.. خرج من المجلس مستأذناً ...ليلقي نظرةً ولو من بعيد لذلك المكان, وليتذكر تلك الأزمان.....
ذهب سلطان إلى ذلك المرتفع ووقف على تله المطل على بيت والد سارة ومزرعته..مكث طويلاً في سكون يتأمل البيت, ويستعيد الذكريات.. يتساءل (يا ترى وين سارة الآن وش صار لها بعد ذاك اليوم ؟؟وهل تزوجت ولا الشايب مازال في غيه,وإن كانت تزوجت فمن هو سعيد الحظ...طيب لو تشوفني هالحين كيف راح تتصرف هي بستبتسم لي زي زمان ولا بتطردني وتسبني..... يالله.. أهم شي تكون سعيدة ومرتاحة.......
فجأةً وبينما هو واقف.. رأى الشايب يخرج من البيت, ظل يتابعه ثم لاحظ ملاحظة غريبة ..لاحظ أن هناك طفل بل طفلة صغيرة (بنت أربع سنوات) تمشي وراء الشايب حيث ما ذهب, وفي يدها كسرة خبز, والعجيب أيضاً أنه لا يكلمها ولا تكلمه, ومما يبدو أنه لا يحبها أو أنه قليل العطف عليها....سلطان(من هي هاذي الطفلة التي تمشي ورا الشايب؟؟؟لا تكون بنت سارة ولا يمكن إنها بنت صالح ؟؟؟لازم أتأكد !!!!)
نزل من التل إليهما مسرعاً, وقد جال في ذهنه أكثر من علامة استفهام؟؟؟ولما اقترب..صافح الشايب (لم يعرفه الشايب فالخطاب كانوا كثر)ثم انحنى إلى تلك الطفلة ذات المعطف القديم المترهل والمقطع (كان أكبر من مقاسها) وذلك الوجه المتسخ والشعر الأشعث المظفر(المجدل) إلى ظفيرتين والحذاء البالية الممزقة ..,,ليدقق النظر في هذه الطفلة, ثم ليعرف المزيد عن أمرها,, فباله غير مرتاح ونفسه غير مطمئنة....
اقترب منها فإذا الملامح ملامح الحسناء سارة ثم ضمها إلى صدره وقد شم رائحة ملابسها وجسدها لتعود به الذاكرة إلى رائحة جسد وملابس سارة.. تلك الرائحة العطرية...سلطان(نعم والله.. إنها بنت سارة.. إنها بنت سارة..) فما كاد يترك تلك البنت الصغيرة حتى أتى الشايب فسحبها منه عنوة..........
عاد سلطان إلى حفل الزواج مسرعاً ونادي صاحبه خالد........
سلطان: خالد أرجوك أبيك ضروري
خالد:يا أخي وين رحت الناس قاموا من على الأكل وأنت ما جيت !!! بعدين ما تشوفني مشغول....
سلطان مقاطعاً: أنت ما تفهم أبيك في موضوع ما يتأجل ,,بسرعة تعال معي..........
خالد:الله يكفانا شرك ..وش موضوعك؟؟أقول اسبقني وبجيك الحين..........
لحق خالد بسلطان عند تلك التل............
خالد: هاه خير يا سلطان تراك خوفتني
سلطان: بسألك وجاوبني بأمانه....... تشوف اللي في المزرعة؟؟ من هو هالشايب ذا؟؟؟ومن هي هالبنت الصغيرة اللي تتبعه؟؟؟ وش قصتهم..؟؟؟؟؟
خالد: غريبة هالسؤال .....هذا أبو صالح وهذي حفيدته(رحمة)..!
سلطان: حفيدته من بنته؟؟ ولا من ولده؟؟؟
خالد: لا من بنته,,
سلطان في حرقة مع نفسه ( والله إني كنت متأكد إنها بنت سارة.. عرفتها من ريحتها نفس ريحة ملابس أمها لا والملامح نفسها....)
سلطان: طيب وين الأم ذي عن بنتها؟؟؟؟؟؟؟ ليش ما تهتم فيها؟؟؟,, ومن هو زوجها؟؟؟؟
خالد مستطرداً: أمها يا طويل العمر وباختصار..اسمها سارة, وكانت مشهورة بجمالها,, ومن خمس سنوات تقريباً تعرفت على شاب (الله لا يوفقه ولا يسعده ) حملت منه وماتت (شف قبرها ذاك اللي في طرف المزرعة ) وتركت هالطفلة البريئة(رحمة) تركتها للرحمة ولتعيش مع جدها وجدتها الشيبان المساكين ( أصلاً هم بحاجة من يهتم فيهم ويرعاهم ).. لا وفوق ذا صاروا فقراء!! بعد ما مات ولدهم صالح بسنه واحدة تقريباً من وفاة سارة..علشان كذا شف هالصغيرة الحلوة,, ملابسها وشكلها يقطعون القلب ويجعل اللي ما يرحم.. يرحم ,,لو كان حتى يهودي.....يا أخي والله العظيم ظلم ....هاذي الطفلة ضحية مجتمع............
وفي أثناء حديث خالد إذ بمنادي يصرخيا خالد....أسرع,, ضيوف جايين...فيركض مسرعاً لاستقبال الضيوف
جثا سلطان على ركبتيه ويديه, مطأطئاً رأسه إلى الأرض حيناً وإلى قبر سارة حيناً,, وإلى الطفلة الصغيرة رحمة وهي تلعب حول البيت حيناً آخر..وقد ابتلت لحيته بالدموع بل وحتى الأرض من تحته فهو الثري الذي لا يستطع إطعام ابنته, والغني الذي لا يمكنه كسوتها, والأب الذي لا يحق له احتضانها أو ملاعبتها...
أصبح سلطان يكتفي من ابنته, أن يجلس كل يوم بعد صلاة العصر على ذلك التل ..ينتظر رحمة حتى تخرج لتلعب أمام البيت يراقبها بنظره, ويتابعها ببصره, وقد تقطع عليها قلبه, واحترق دمه, فتذرف الدموع, ويجهش بالبكاء,, حتى إذا قرب وقت الغروب الحزين, واحمرت السماء, ودخلت الصغيرة إلى البيت ..توجه ينظره إلى قبر عشيقته وخليلته سارة, ورفع كفيه للسماء( يدعوا الله أن يرحمها ويغفر لها وله تلك الزلة العظيمة) ,,فيبقى يدعو ويدعو..... حتى ينادي المنادي لصلاة المغرب"حي على الصلاة".............
استمر سلطان طويلاً على هذا النهج .. يقف على التل باكياً يراقب رحمة من أول العصر حتى تغيب الشمس فـ""عين عليها.. وعين على قبر أمها""...........
تمت بعون الله..,,
"سبحانك اللهم وبحمدك, أشهد أن لا إله إلا أنت, أستغفرك وأتوب إليك"
والسلام عليكم |
| |
|