لو كنتم يوم الجمعة في دوار الداخلية مع شباب 24 آذار لشهدتم كتابة تاريخ من نوع جديد أول صفحاته كانت احتفالية أزالت حسرة في قلوبنا كلما رأت شباب التغيير في البلاد العربية و نحن نتساءل أين شباب الأردن؟ الأردن الذي كان و يكون و سيكون بإذن الله سباقا الى الإصلاح و النهضة .
في بداية الصفحة كان تصريح جلالة الملك يوم الاربعاء قبل بدء اعتصام الشباب أن لا عذر و لا تساهل مع من يؤخرون الإصلاح و يستهدفون زهرة شباب الأردن في جامعاتهم و معاهدهم العلمية، و قد جاء هذا التصريح في الوقت الذين كان الأردن يعيش فيه أجواء الكرامة التي حفظها الآباء و سطروا من خلالها أعظم ملاحم البطولة و الوفاء في تاريخ الأردن و العرب، و لأننا شعب يحفظ عهوده و ميراث آباءه فقد أبى شباب 24 آذار الا أن يتصدوا لأعداء الداخل من الفاسدين و يعيدوا للمواطن الأردني كرامته.
و من كان يدعي أن الثورات مفسدة و تخريب لم يشاهد شباب 24 آذار و هم يتلقون الحجارة و تسيل دماؤهم و مع ذلك يلتزمون بقسمهم الذي جددوه على مدار اليومين أن يكون اعتصامهم سلميا و أن لا يردوا الأذى بالأذى و لا الجهالة بالجهالة، من كان يريد أن يعرف أن الثورة و الإصلاح لهما أخلاق نبيلة كان عليه أن يكون مع شباب 24 آذار ليفهم كثيرا من الشعارات التي نحفظها بأن الأردن أولا و أننا أهل العزم و أن كلنا الأردن و لو اختلفنا في وجهات النظر و الوسائل.
كدت أغادر هذه الأجواء الاحتفالية لأدعو العالم أن ينظروا إلينا و يستلهموا تجربتنا في التغيير السلمي و أقول أننا فعلا غير حتى جاء الدرك ليقلب الاعتصام السلمي و الحضاري الى حرب ذهب ضحيتها مواطن أردني، كدت أقول أننا مختلفون في الأردن فنحن نذهب الى الاعتصامات و نحن آمنون لا نحتاج الى تجهيزات و لا بصل و لا تحصينات و أن قوات الأمن التي قدمت لنا الماء في اليوم السابق لن تسيل دمائنا في اليوم الثاني، الغاز المسيل للدموع كنت أسمع عنه في الأخبار فقط حتى استنشقته في ربيع بلادي الذي برعم زهرة حمراء سقاها مواطن أردني بدمه هل العزعمره 55 عاما لم يقبل على نفسه أن يترك الشباب في الميدان لوحدهم و يقول لهم قد هرمنا و لكنه قال اثبتوا إنا معكم ثابتون و من أجل أن يبقى الأردن عزيزا كريما مستشهدون.
نحن لسنا تونس و لسنا مصر و لسنا ليبيا، حكامنا هاشمييون و ليسوا جنرالات حرب، عروشهم في قلوبنا كما قال لهم شباب 24 آذار، نحن لسنا تلك الدول العربية و حكامنا ليسوا حكامهم، و من قتل مواطنا أردنيا واحدا فكأنما قتل الأردنيين جميعا.
كان شباب 24 آذار يتمنون وجود مليكهم الشاب صاحب الرؤية المستنيرة بينهم، و كان سيفخر بهم لما أبدوه من ضبط النفس في الميدان و احتضانهم لحجارة البلطجية بصدورهم دون أن تصدر منهم أنة اعتراض أو تخوين أو إساءة، كان جلالته سيفخر بقيادات الأردن الشابة و بولاءها منقطع النظير الذين لم يكن فقط كلاما في الهواء، و إنما فعل نجح في أصعب الاختبارات و رسالته: دمي رخيص فداء الأردن، و لكنه جلالته كان سيغضب و نعلم علم اليقين أنه سيغضب للدم الأردني الزكي الطاهر الذي سال بغير جرم و بغير وجه حق، و يقتص من الذين يفسدون البلاد و يقتلون العباد باسمه زورا و بهتانا و جلالته منهم براء.
لقد سحق رجال الدرك زهور ربيع الأردن الإصلاحي و عصوا قبل ذلك توجيهات جلالة الملك التي أوصى فيها بالشباب و الطلاب و باحترام حقوق المواطنين.
لم يكتف هؤلاء بمواجهة الرجال بل وجهوا آلة البطش في وجوه حرائر الأردن لولا أن الشباب حموهم بصدورهم و هربوهم فوق جدران المنازل و من بين منافذها و هن يتساءلن: منذ متى أصبحنا نهرب بأرواحنا و أعراضنا في الأردن بلد الأمن و الآمنين؟.
سنعود الى بيوتنا بجروح و إصابات في النفس و الجسد و الكرامة و المواطنة، و لكن ذلك الخمسيني الأردني لن يعود لعائلته و أولاده يا أبا الحسين!و جراحنا و ان كثرت لا تعدل نفسا أزهقها الفاسدون بطشا و عدوانا.
لقد كان لفرديناند و زوجته ايزبيلا رؤية ثاقبة يوم بعثوا العيون للأندلس قبل توجيه الجيوش إليها لاحتلالها ليرى ماذا يفعل الشباب فوجدوهم على مدار عامين تشغلهم معالي الأمور و عظائم المسائل فلما رجعوا في العام الثالث وجد العيون شابا مشغولا بنفسه و مشاعره فأرسلوا الرسالة للملك أن حان وقت احتلال الأندلس فقد ضعُف شبابها.
لقد أرانا شباب 24 آذار أخلاقهم و طموحاتهم و تضحياتهم و هم برغم ما حصل ما زالوا عند قسمهم أن يدافعوا عن الأردن و يستردوا كرامته، فهم بشارة الرسول العربي الهاشمي صلى الله عليه و سلم الذي تفائل بهم فقال،" نصرت بالشباب" و أملنا فيهم هو أملنا في أردن مزدهر مستقر ديمقراطي حر.
فهل نقول لهم اذهبوا أنتم و ربكم فقاتلوا إنا هاهنا قاعدون أم نقول لهم أيدينا بأيديكم في طريق الإصلاح و الله حافظنا و هو أرحم الراحمين.