يترقب كثيرون قرار اتحاد الكرة بشأن موافقته على العقوبات التي نسبت "اللجنة التأديبية" باتخاذها بحق فريق الوحدات وحارس مرماه عامر شفيع، على إثر الأحداث التي جرت في مباراة الوحدات والمنشية يوم الجمعة الماضي ضمن دوري المحترفين، وفيما إذا كان الاتحاد سيجري تعديلا على بعض تلك التنسيبات أو يصادق عليها كما وردت؟.
ما جرى في الدقيقة الأخيرة من زمن المباراة كان واضحا لكل من شاهد الواقعة على شاشة التلفزيون، فاللاعب أخطأ بحق الحكم واعتدى عليه، والتعليمات تقول بأن الاعتداء يفضي إلى إيقاف لمدة سنة، ولم توضح تلك التعليمات فيما إذا كان الضرب مبرحا أو اذا كان بـ"الشلوت" أو "البوكس"، أو إذا كان مجرد دفع للحكم أو ضربه من دون وجود قصد إيذاء حقيقي للحكم.
في كل الظروف يبدو اللاعب مخطئا فيما فعله، ولا يمكن لأحد أن يبرر الاعتداء على الحكم، مهما ارتكب الحكم من أخطاء مؤثرة كانت أو غير مؤثرة في تلك المباراة، لكن الاتحاد يجب أن يكون عقلانيا ويتعامل بالقانون وروح القانون في ذات الوقت، فلا يجوز للاتحاد أن يكون قاسيا إلى حد كبير، ويساهم في "تدمير" لاعب تحسنت سلوكياته خلال العامين الماضيين، وكان سببا مباشرا في تأهل المنتخب الوطني إلى النهائيات الآسيوية ومن ثم بروز "النشامى" فيها.
إنه عامر شفيع.. ذات اللاعب الذي صفقت له جماهير كل الأندية قبل نحو ثلاثة أسابيع، عندما قام من باب الواجب والاعتزاز بقميص منتخب الوطن الذي يرتديه بحماية عرين النشامى، وهو ذات اللاعب الذي حملته الجماهير على الأكتاف في المطار حين عاد المنتخب مرفوع الهامة من الدوحة، فكيف يتم التعامل مع لاعب كهذا بمثل هذه القسوة، من دون النظر إلى الآثار السلبية التي يخلفها مثل هذا القرار على اللاعب والمنتخب وناديه.
ليس معنى ذلك أن يكون عامر شفيع وغيره من اللاعبين المميزين "فوق القانون والتعليمات"، لكن الهدف من تلك العقوبات يجب أن يكون أولا وأخيرا بهدف الإصلاح والتقويم وليس غير ذلك، ولو كان عامر شفيع يقصد ضرب الحكم ضربا مبرحا لكن حكم المباراة يرقد الآن على سرير الشفاء، لكن ظهر واضحا أن الحكم لم يحسن التعامل مع الموقف، ووضع نفسه على شفير مواجهة مع اللاعب، من دون النظر إلى الحالة النفسية وإدراك بأن اللاعب قد يرتكب فعلا خاطئا بعد إشهار البطاقة الحمراء في وجهه.
لن يكون فريق الوحدات أول أو آخر فريق يعاني من أخطاء الحكام، التي استفاد من بعضها في مرات سابقة، ولن يكون منطقيا القول بأن الحكم أبدع في المباراة وقد تم رصد العديد من الأخطاء المصورة والموثقة، ولن يكون عادلا المطالبة بايقاف الحكم لمدة طويلة وقد سبق أن تعرض للايقاف مرارا بسبب أخطائه، لكن المنطق يفرض ليس "حلول الوسط" وإنما تطبيق روح القانون وتقدير الحالة بشكل سليم، فثمة فارق أن يتحول اللاعب إلى "ملاكم" داخل الملعب وينهال على الحكم ضربا، وبين لاعب ربما خذلته أعصابه وحبه لفريقه فارتكب خطأ لا يجوز له أن يرتكبه، فهل يتفهم الاتحاد ما جرى ويحدد عقوبة منطقية؟