من الطبيعي أن يخاف الإسرائيليون ...

من الطبيعي أن يخاف الإسرائيليون ... ياسر الزعاترة .
.

بعد الوزير سيلفان شالوم ومخاوفه من سيطرة الإسلاميين على تونس بعد خلع بن علي ، توالت ردود الفعل الإسرائيلية التي تعكسها الصحافة بين يوم وآخر ، وكلها تحذر من تداعيات ما جرى في تونس على المنظومة العربية ، وتبعا لذلك على المصالح الإسرائيلية.

ليس غريبا أن يخاف الإسرائيليون ، هم الذين عُرف عنهم التخطيط الإستراتيجي لدولتهم ، ليس لسنوات قليلة قادمة ، وإنما لعقود بل لأكثر من ذلك ، بدليل حساباتهم الدائمة لاحتمالات تغير موازين القوى الدولية والعلاقات التي ينسجونها مبكرا مع القوى الصاعدة كما هو حال الصين والهند وروسيا هذه الأيام ، ومن ثم قلقهم من التحولات الداخلية في تركيا ، وقبل ذلك مطاردتهم للمشروع النووي الإيراني ، فضلا عن اهتمامهم المبكر بالأقليات لتفتيت العالم العربي مثل علاقتهم القديمة بالأكراد وبمتمردي جنوب السودان على سبيل المثال ، وهي العلاقات التي بدأت تؤتي ثمارها الآن بنشوء كيان موالْ لهم في إفريقيا يهدد الأمن القومي المصري ، فضلا عن إمكانية تقسيم العراق.

لا خلاف على أن الكيان الصهيوني قد استراح طوال العقود الماضية لواقع الحكم والسياسة في الوطن العربي ، وهو واقع تم تدجينه بشكل مبرمج منذ فُرض على الأنظمة الرسمية الاعتراف بوجود الدولة العبرية من خلال الاعتراف بالقرارات الدولية ، وتطور ذلك إلى القبول بحالة اللاسلم واللاحرب ، ورفض دعم خيار المقاومة للشعب الفلسطيني ، بل والتآمر على قوى المقاومة باستثناء دول معدودة لم يكفّ الطرف الإسرائيلي ومن يوفرون له الحماية عن مطاردتها كما حصل مع العراق ، وكذلك الضغوط المستمرة على سوريا ، وقبل ذلك ما وقع لليبيا التي تم تغيير مسارها بوسائل عديدة.

في كل هذه الحالات كان الغرب بقيادة الولايات المتحدة هو المساند الأكبر للبرنامج الإسرائيلي ، وقد كشفت لنا وثائق ويكيليكس الكثير من الوقائع التي تثبت حقيقة الفهم الرسمي العربي للعلاقة مع الكيان الصهيوني ، إلى جانب العلاقة مع السلطة الفلسطينية ومنظمة التحريرمقابل العلاقة مع حركة حماس وقوى المقاومة.

الآن ، يشعر الإسرائيليون بالكثير من القلق حيال التطور الذي وقع في تونس ، ليس فقط لأنه أسقط نظاما حليفا ساند خطاب التراجع أمام سطوة الاحتلال ، بما في ذلك المساهمة في تدجين منظمة التحرير بعد لجوئها إلى أراضيه وصولا إلى اتفاق أوسلو ، وليس فقط لما يتميز به من علاقة خاصة مع تل أبيب ، بل أيضا وهذا هو الأكثر أهمية ، بسبب ما ستتركه الثورة التونسية من تداعيات على الدول العربية ، أكانت المعتدلة منها أم المصنفة في المربع الآخر.

يدرك قادة الدولة العبرية تمام الإدراك أن الجماهير العربية لم تكن في يوم من الأيام راضية عن السياسات الرسمية لأنظمتها فيما خص التعامل مع الملف الفلسطيني ، وهي ترى في تلك السياسات خضوعا للإملاءات الغربية ، بل إنها لم تقتنع يوما بخطاب السلام ، ولم تقبل بقرارات ما يسمى الشرعية الدولية التي تعترف لليهود بالأراضي المحتلة عام 48 ، فضلا عن أن تمرر مشاريع تسوية مشوهة من اللون الذي يمكن أن تقبل به الدول العربية والسلطة الفلسطينية.

من هنا ، فإن انتشار النموذج التونسي على نحو يبشر بزمن الجماهير العربية واستعادتها لقرارها السياسي المسروق ، سيعني من دون شك تهديدا لأمن الدولة العبرية ، ولذلك لا يتوقع بأي حال أن تسكت تل أبيب وحلفاؤها على الوضع ، وهم لم يسكتوا أصلا ، وهذه الترتيبات التي وقعت بعد فرار بن علي هي نتاج تدخلات خارجية (أمريكية وغربية) تشارك فيها أنظمة عربية تخاف على نفسها من روح الثورة التي سرت في العالم العربي.

على أن ذلك كله لن يغير في حقيقة أن الزلزال التونسي سيكون له ما بعده ، سواءً تمثل ذلك في سلسلة تغييرات تعيد ترتيب الأوضاع برمتها في المنطقة ، أم تمثل ذلك في شعور الأنظمة بأن من الصعب عليها تجاهل مشاعر الجماهير ، بما يعني استحالة تمرير أية تسوية بائسة للملف الفلسطيني ، لاسيما أننا إزاء جماهير تنتفض لفلسطين أكثر مما تنتفض لرغيف خبزها في كثير من الأحيان كما دلت وقائع عديدة.

خلاصة القول هي أنه كلما كان القرار السياسي معبرا عن الجماهير ، كلما كان الوضع الصهيوني في خطر ، بصرف النظر عن الأيديولوجيا السائدة ، فضلا عن أن تكون إسلامية. وعلى الصهاينة أن يدركوا أنهم يعيشون وسط بحر من العداء العربي الإسلامي الذي لن يلبث أن يقتلعهم.

تسلم يا يزن و الله لا يريحلهم بال

» يديعوت أحرونوت : السياح الإسرائيليون يسرقون 300 ألف منشفة سنوياً من الفنادق
» ليش الطفل يخاف من الحلاق
» يا حراام للي يخاف من الابر
» لماذا يخاف الاطفال من الظلام؟؟
» الدعاء الذي يخاف منه الشيطان