وساوس الشيطان في طهارة الآنسان
الحمد لله رب العالمين
قال تعالى ( ان الشيطان للآنسان عدو مبين )
ومن أجل هذة العداوة الآزلية لا يترك الشيطان باب من ابواب الشر الا وفتحة على ابن أدم ومن أشر هذة الآبواب باب الوسوسة لذلك انزل الله تعالى سورة كاملة في القرأن الكريم يعلمنا بها كيف نستعيذ بة سبحانة وتعالى من وساوس هذا الشيطان وهي ( قل أعوذ برب الناس ملك الناس أله الناس من شر الوسواس الخناس الذي يوسوس في صدور الناس من الجنة والناس )
ومن أخطر هذة الوساوس ان يشكك الآنسان في طهارتة وطهارة جسدة وطهار ملبسة طهارة الرجل اذا قضى حاجتة واذا اغتسل من جنابتة واذا توضأ لصلاتة وفي كل عمل من اعمال الدين وكذلك المرأة يوسوس لها في طهارتها بعد حيضها او جنابتها او نفاسها وفي طهارة ملابسها وافرازاتها وكل ما يخص حياتها كا أمرأة لآن كل تلك الآمور تكون احيانا مجال للشك في طهارتها فيستغل الشيطان ذلك في نفس الآنسان فيضرب لة على الوتر الحساس فينقاد لة الآنسان المسكين بضعفة وقلة ثقتة ومن هذة الوساوس
الوسوسة في الطهارة
وهذا السؤال
إنني أعاني من كثرة الغسل عند الوضوء حيث أحتاج أكثر من ساعتين في قضاء الحاجة والوضوء وهذا هدر للوقت والعقل والجهد ، حتى إنني راجعت طبيبا نفسيا لأجل المشكلة ، إنني إذا ما جلست مكان إنسان آخر لا بد أن أمسح كل ملابسي حتى أشعر بأنني أصبحت طاهرا وجاهزا للصلاة ، إنني أعاني من هذه المشكلة كثيرا أرجو الإجابة لأتخلص من هذه الهواجس القاتلة .
الحمد لله
نسأل الله العظيم بأسمائه الحسنى وصفاته العلا أن يشفيك ويعافيك مما أنت فيه ، واعلم أن هذا نوع من الأمراض النفسية يعرف بالوسواس القهري ، وهي أفكار تتسلط على الإنسان في أي جانب ، وتلازمه مع أنه معترف بخطئها ، وعدم صوابها ، وعلاج ذلك يكون بأمور :
أولا : أحسن الظن بالله تعالى ، وأكثر من الدعاء والتضرع إلى الله بأن يشفيك ويعافيك من هذا الوسواس .
ثانيا : عود نفسك على تحقير هذه الوساوس ، وعدم الالتفات لها ، وضع كمية مناسبة من الماء في إناء دون التوضؤ من الصنبور مباشرة ، وألزم نفسك بالوضوء من هذا الإناء فقط ، وقل لنفسك : ليس هناك ماء ، سوى الذي في هذا الإناء ، واكتف بما فيه ، ولا تعد غسل العضو أكثر من ثلاث مرات ، حتى لو قال لك الشيطان إن وضوءك غير صحيح ، فهذه مجرد وساوس من الشيطان لا حقيقة لها .
ثالثا : كذلك الأمر بالنسبة لمسألة مسح الملابس من مكان إنسان آخر ، فلا بد أن تحقر هذه الوساوس ، وأن تلزم نفسك بعدم المسح ، وتدربها على ذلك مهما كانت الوساوس .
رابعا : عليك أن تعلم أن القاعدة الفقهية أن اليقين لا يزول بالشك ، فإذا تيقنت شيئا ، فلا تلتفت بعد ذلك للشكوك ، وإذا فعلت فعلا فلا تلتفت إلى أي شك يأتي بعد هذا الفعل ، فإذا غسلت يدك ، فلا تلفت بعد غسله ولو بلحظات إلى شك يقول لك إنك لم تغسل يدك ، كما قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في منظومته :
والشك بعد الفعل لا يؤثر وهكذا إذا الشكوك تكثر
فالشك لا يلتفت إليه إذا كان بعد الفراغ من العبادة ، وكذلك إذا كان الإنسان كثير الشكوك فإنه لا يلتفت إليها .
نسأل الله أن يصلح أحوالك وأحوال المسلمين .
السؤال : تصيبني وساوس في الطهارة وبفضل الله تعالى أجتهد في محاربة الشيطان . ولي سؤال يا شيخ أكرمك الله قال ابن المبارك رحمه الله لمن يصيبه وساوس في الطهارة لا يعيد شيء حتى يتيقن يقين يستطيع أن يحلف عليه وأنا عندما تصيبني هذه الوساوس أقف مع نفسي وأقول أنا متوضئ والحدث مشكوك فيه وأقول في نفسي هل أستطيع أن أحلف أن وضوئي انتقض فلا أستطيع للعلم أنه لا أحلف بل أضعه حد لنفسي وأقول هل أستطيع أم لا يعني لا أعقد يمين يا شيخ بل أضعها قاعدة لي حتى أتجنب الوسوسة وهي طريقة الحمد لله ناجحة للتغالب على الوساوس فهل ما أفعله صحيحً أم لا؟
الجواب :
الحمد لله
على من ابتلي بوسواس في الطهارة أو غيرها أن لا يلتفت إليه ، وأن لا يعدل عن يقين الطهارة بمجرد الشك .
فعن عبد الله بن زيد رضي الله عنه قال : (شُكِيَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الرَّجُلُ يَجِدُ فِي الصَّلاةِ شَيْئًا أَيَقْطَعُ الصَّلاةَ قَالَ لا حَتَّى يَسْمَعَ صَوْتًا أَوْ يَجِدَ رِيحًا) رواه البخاري (2056) ومسلم (361) .
قال النووي رحمه الله :
"هَذَا الْحَدِيث أَصْل مِنْ أُصُول الْإِسْلَام وَقَاعِدَة عَظِيمَة مِنْ قَوَاعِد الْفِقْه , وَهِيَ أَنَّ الْأَشْيَاء يُحْكَم بِبَقَائِهَا عَلَى أُصُولهَا حَتَّى يُتَيَقَّن خِلَاف ذَلِكَ . وَلَا يَضُرّ الشَّكّ الطَّارِئ عَلَيْهَا" انتهى .
"شرح النووي على مسلم" (4/49) .
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
"هذا الحديث الذي أفتانا به رسول الله صلى الله عليه وسلم يعتبر قاعدة عظيمة من قواعد الشرع ، وهي أن اليقين لا يزول بالشك ، وأن الأصل بقاء ما كان على ما كان ، فما دامت الطهارة متيقنة فإنها لا تزول بالشك ، وما دامت باقية فإن الأصل بقاؤها حتى يثبت زوالها . وفي هذا الحديث راحة للإنسان وطمأنينة للنفس حيث يبقى بعيداً عن الوساوس والشكوك ؛ لأنه بهذا الحديث يطرح الشك ويبني على ما استيقن وهي الطهارة" انتهى .
"فتاوى نور على الدرب" (119/56) .
وسئل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله عما إذا توضأ وقام يصلي وأحس بالنقطة في صلاته : فهل تبطل صلاته أم لا؟
فأجاب : "مجرد الإحساس لا ينقض الوضوء ؛ ولا يجوز له الخروج من الصلاة الواجبة بمجرد الشك . وأما إذا تيقن خروج البول إلى ظاهر الذكر فقد انتقض وضوءه وعليه الاستنجاء ، إلا أن يكون به سلس البول فلا تبطل الصلاة بمجرد ذلك إذا فعل ما أمر به" انتهى . "مجموع الفتاوى" (21/219-220) .
وقال علماء اللجنة الدائمة للإفتاء :
"إذا كان الإنسان متطهرا ثم شك في طرو الحدث عليه فلا تأثير لشكه في طرو الحدث على الطهارة السابقة" انتهى .
"فتاوى اللجنة الدائمة" (5/281) .
وقال الشيخ ابن باز رحمه الله :
"لا ينبغي للمؤمن أن يلتفت إلى هذه الوساوس ; لأن هذا يجرئ عليه الشيطان , والشيطان حريص على إفساد أعمال بني آدم , من صلاة وغيرها . فالواجب الحذر من مكائده ووساوسه , والاتكال على الله , وحمل ما قد يقع له من الوساوس على أنه من الشيطان , حتى لا يلتفت إليه , فإن خرج منه شيء عن يقين من دون شك أعاد الاستنجاء , وأعاد الوضوء , أما ما دام هناك شك ولو كان قليلا فإنه لا يلتفت إلى ذلك ; استصحابا للطهارة , ومحاربة للشيطان" انتهى .
"مجموع فتاوى ابن باز" (10/123) .
وسئل الشيخ صالح الفوزان حفظه الله :
إذا توضأ رجل ثم ذهب للصلاة وشك في وضوئه أثناء الصلاة أو بعدها فما العمل ؟
فأجاب : "إذا توضأ الإنسان بيقين وأكمل الطهارة ثم حصل له شك بعد ذلك هل انتقض وضوءه أم لا فإنه لا يلتفت إلى هذا الشك ؛ لأنه متوضئ بيقين ، واليقين لا يزول بالشك" انتهى . "المنتقى من فتاوى الفوزان" (79/9) .
أما قول ابن المبارك : فقال أبو عيسى الترمذي رحمه الله في "جامعه" (1/127) :
" قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ : إِذَا شَكَّ فِي الْحَدَثِ فَإِنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْوُضُوءُ حَتَّى يَسْتَيْقِنَ اسْتِيقَانًا يَقْدِرُ أَنْ يَحْلِفَ عَلَيْهِ " انتهى .
فهذا بيان للمعنى السابق وهو عدم الالتفات إلى الشك مهما كان قوياً ، حتى يتيقن ذلك .
وهذا يشبه ما ذكره أبو الفرج ابن الجوزي رحمه الله في كتاب "الأذكياء" (ص 31) أن
رجلاً جاء إلى أبي حازم فقال له : إن الشيطان يأتيني فيقول إنك قد طلقت زوجتك فيشككني ! فقال له : أوليس قد طلقتها ؟ قال لا . قال : ألم تأتيني أمس فطلقتها عندي ؟ فقال والله ما جئتك إلا اليوم ، ولا طلقتها بوجه من الوجوه . قال : فاحلف للشيطان إذا جاءك كما حلفت لي وأنت في عافية . انتهى .
والخلاصة :
أن من تيقن الطهارة وشك في الحدث بنى على اليقين وهو الطهارة ولم يلتفت إلى هذا الشك .
والله أعلم