هنالك أسباب متعددة وراء انحراف الأحداث.
منها أسباب نفسية ومنها اجتماعية وفيسيولوجية . ونشير هنا إلى أهم تلك الأسباب، ونعيدها إلى :
الأسرة
1 – ويتمثل دورها في جنوح الحدث بالإهمال وسوء التربية، وغياب التوجيه والمراقبة والإشراف، والعنف في المعاملة، أو التدليل الزائد، وعدم التعليم الديني وإهمال العلاقات الاجتماعية للحدث . وفقدان القدوة الحسنة .
2 – ومن الأسباب المساعدة على الانحراف وسوء التربية ظاهرة انتشار الخادمات والاعتماد عليهن في تربية الطفل بشكل رئيسي، مما يترتب عليه آثار سيئة على الطفل وعلى المراهق أيضا .
3 – وكذلك من الأسباب الرئيسية في الأسرة والتي تسبب انحراف الأحداث :
* التفكك الأسري، وما يرافقه من تزعزع العلاقات والصلات الإنسانية والاجتماعية والتربوية .
* تفشي ظاهرة الطلاق، وهجر الزوجة، وإهمالها أو إهمال الأبناء وعدم الاهتمام بهم أو السؤال عنهم، وعدم الإنفاق عليهم .
* انشغال الأبوين، كل منهما في عمله أو هواياته أو مشاكله، وإهمال الأولاد وعدم إتاحة المجال لهم للعيش ضمن جو أسري سوى يشعر فيه الحدث أو الطفل بأهميته ووجود من يرعاه أو يحبه ويعالج مشاكله، وبالتالي يجد الحدث نفسه مهملا وحيذا وهدفا سهلا للعادات السيئة ورفاق السوء وهم أقرب الطرق إلى الانحراف .
المدرسة :
المدرسة أداة تقويم وتوجيه وتربية وتعليم، ودورها – ولا سيما في المراحل الأولى – مكمل لدور الأسرة، ولذلك فإن لها من الأهمية ما للبيت والعائلة .
وعندما تصاب المدرسة – كمؤسسة – في مناهجها أو إدارتها أو جهازها التربوي أو نظامها الداخلي بالقصور، فإنها تكون كالأسرة المفككة التي تسبب للطفل التعقيد والانحراف .
ومن أمثلة قصور المدارس التي ينتج عنها انحراف الأحداث :
1 – قصور المناهج التربوية وضعفها ولا سيما ما يتعلق بتكوين شخصية الطفل وإذكاء اعتماده على نفسه، وتنمية علاقاته الاجتماعية وتوجيهها، وتنمية المهارات السلوكية السوية لديه، ومعالجة أسباب الانحراف والاضطراب النفسي أو الشذوذ الخلقي .
2 – عدم اهتمام المدرسة بالطفل أو الحدث، وإهمال الجوانب الصحية والنفسية لديه بشكل يؤدي إلى الإحباط، وبالتالي تكون العقد النفسية والاضطرابات التي تسبب الجنوح .
3 – التمييز في المعاملة بين الطلبة سواء من الإدارة أو أعضاء الهيئة التدريسية، بحيث لا تأخذ بأيدي المتعثرين وتهمل غير المتفوقين أو أبناء طبقة معينة .
4 – عدم مراعاة الفروق الفردية بين الطلاب، والتشدد في التركيز على كثرة الواجبات والمظاهر الشكلية التي تضايق الطفل وتجعله يكره المدرسة بل يجعلها لديه رمزا لما هو مزعج وسيئ .
5 – ضعف دور وفاعلية المشرف الاجتماعي وفقدان الطلاب للثقة في التعامل معه .
وسائل الإعلام :
تأثير هذه الوسائل على الأحداث أشد خطورة وفاعلية، لأن الطفل أو المراهق، وهو فارغ البال عادة، ومستعد للتأثر ويحب البطولة وتقمص شخصية البطل، فهو بذلك أكثر وأسرع تأثرا بما يشاهد من أفلام ومسلسلات وهنا يبدو الأثر السيئ لأفلام ومسلسلات الرعب والجنس والجريمة، في جعل الحدث يتفاعل معها ويتقمص شخصياتها ويعيش أحداثها، ثم الإحساس بما ينبني على ذلك من تناقضات واضطرابات نفسية، وهي سبب مؤكد للانحرافات، ويزداد الأمر سوءا مع عدم الرقابة على ما يشاهده الطفل أو الحدث من أفلام الجنس والجريمة والرذائل التي يمكن الإطلاع عليها عبر الوسائل الحديثة كالساتلايت أو حتى عن طريق الكمبيوتر .
ومن أمثلة مساوئ الإعلام المؤثرة على الأحداث :
1 – المسلسلات التي تمجد الفرد وتعمق روح الفردية الخرافية مما ينعكس تأثيره سلبا على الروح الاجتماعية لدى الأطفال، مثل " هيركيوليز، وماشستي، وسوبرمان ... وما إلى ذلك " .
2 – عرض المسلسلات المناسبة للحياة الأمريكية أو غير العربية أو الإسلامية عامة، بحيث تجعل المشاهد ولا سيما إذا كان طفلا أو مراهقا يعيش حالة من التناقض بين الواقع والمثل وما يعرض عليه، وغالبا ما تعرض هذه المسلسلات في صورة من التشويق والإثارة، وينطبق ذلك أيضا على مجال الإعلانات كالإعلانات عن التدخين والدعاية للشركات العالمية للسجائر وما تقيمه من مسابقات وجوائز عالمية وضخمة .
3 – غياب التوجيه العلمي والتثقيف المهني، وعدم الاهتمام بالهوايات النافعة والبرامج المشوقة للأطفال والأحداث كالمسابقات والترفيه والتسلية الممتعة .
4 – تمجيد المطربين والرياضيين والفنانين على حساب بقية شرائح المبدعين والعلماء، والنشاطات الشبابية التي هي أحق بالتقدير والتعريف بها، والتنبيه إليها .