لم يبق أحد من محبي منتخب البرازيل -وما أكثرهم-
إلا وانتقد أداء راقصي السامبا في المونديال، رغم الفوز في ثلاث من أصل
أربع مباريات، والتعادل أمام البرتغال بقصد أو بغير قصد، محققاً صدارة
المجموعة والانتقال للدور الثاني.
ويحمل المحبين للسامبا أو حتى غير المحبين الأداء
الباهت نسبياً للسحرة لمدرب الفريق كارلوس دونغا، الذي أبعد نجوماً حرمنا
منها في البطولة العالمية وعلى رأسهم رونالدينيو ورنالدو وباتو والقائمة
تطول، والذين كانوا قادرين على صبغ الفريق بالصبغة الهجومية.
ويبدو أن دور دونغا في منتخب البرازيل لاعباً، أثر
بشكل كبير على أدائه مدرباً، فالمدرب الشاب لم يكن سوى لاعب في خط الوسط،
أقرب إلى المدافع، وكان منضبطاً تكتيكياً مع مدربه كارلوس ألبيرتو بيريراً،
الذي استدعى لفريقه عام 1994 نخبة نجوم البرازيل لعباً وسحراً، كان على
رأسهم روماريو لكن كان وحده يرى في دونغا لاعباً مهماً رغم أن شهرته لم تكن
تصل لأبعد من النادي الذي يلعب له، بل وأكرمه بيريرا ومنحة شارة القيادة.
ويبدو أيضاً أن انضباط دونغا في الملعب، منعه من
رؤية سحر رفاقه، والشغف الذي كان يبدو في عيون الجماهير في المدرجات، أو
أثناء التدريبات أو في كل مكان، لما كان يقدمه ببيتو وروماريو وليوناردو
وغيرهم، وكان حبيس التعليمات التي لقنها له معلمه بيريرا، فجعل من الدفاع
والانضباط التكتيكي همه الأول، غير آسف على سمعة الكرة البرازيلية حتى بين
مواطنيه الذين يشنون عليه حرباً شعواء منذ تسلم قيادة المنتخب رغم تحقيقه
كوبا أميركا وكأس القارات، لأنهم شعب يعشق البطولات مع السحر، فإن غاب
السحر لم يفرحوا بالبطولات.
لكن دونغا لم يتعلم الدرس جيداً من معلمه، فبيريرا
عام 2006 عندما عاد مدرباً للسامبا دجج الفريق بكتيبة من المهاجمين، وكان
على رأسهم الظاهرة رونالدو الذي كان وزنه آنذاك حديث الصحافة العالمية، رغم
ذلك استدعاه لعلمه أن سحر رونالدو باق مهما زاد وزنه غير أن دونغا ترك
باتو الذي يرعب المدافعين في الدوري الإيطالي رغم حداثة سنه، واستدعى
مهاجماً لا ينتمي لطينة المهاجمين البرازيليين إلا بالاسم وهو فابيانو،
والذي كلما لمس كرة تسبب بآلاف الشتائم له ولمن ضمه للمنتخب.
دونغا حول فريق السحرة من فريق يمتع العالم
بالمهارات الفردية والجماعية، إلى فريق منضبط بشكل ممل، ويعتمد على الدفاع
لضمان الفوز في المباريات، ليحوله كالفرق الإيطالية أو الألمانية، التي قال
عنها الحارس الإيطالي الكبير بوفون، أن "إيطاليا وألمانيا تلعبان كرة مملة
رغم وصولهما للأدوار المتقدمة في البطولات الكبرى، لكن من أردا المتعة
فليشاهد البرازيل".
لكني أظن بوفون سيتراجع عن ذكر البرازيل في المرة
القادمة، وربما سيذكر الأرجنتين، أو هولندا و إسبانيا، وكل ذلك سيكون بسبب
مدرب ممل، يركن إلى أسوأ أنواع اللعب وهو الدفاع، وكم سيزداد الأمر سوءاً
إذا كان الدفاع من البرازيل.
تخيلوا معي لو كان رونالدو الظاهرة مدرباً للبرازيل،
حتماً سيضم باتو وروبينيو وأدريانو ورونالدينيو وكاكا، وكان سيستدعي في
الجهة اليسرى من الدفاع لاعب ريال مدريد مارسيلو الذي لا يتقن دوره في
الدفاع لكثرة مشاركته في الهجوم، ليكون كلاعب إنتر ميلان مايكون، الذي نرى
خطورته مهاجماً أكثر بكثير من المهاجم لويس فابيانو.
كما أن رونالدو كان ليكتفي بتواجد لوسيو وجوان قلبي
دفاع، وكان اكتفى بلاعب واحد في الوسط الدفاعي، وليكون الفريق كله مهاجماً،
عندها سنرى البرازيل التي عهدناها، مهاجمة مسجلة سيلاً من الأهداف في كل
مباراة، ومستمتعين بالكثير من النقلات الساحرة بين أرجل اللاعبين، الذين
كانوا حتماً سيمتعوننا حتى لو خسروا المباراة... أرجوك رونالدو أسرع إلى
مقاعد البدلاء في منتخب السامبا وأنقذ سمعة الكرة في بلاد الكرة.