إجراء حوار مع النجم الأرجنتيني ليونيل ميسي هو حدث في حدّ ذاته. ذلك أن مهاجم برشلونة له حساسية مفرطة من التواصل مع الصحافة،حتى أنه لما يضطر للحضور إلى الندوات الصحفية يحسّ وكأنه يحمل أثقالا ينأى على حملها الرجال. من النادر جدّا أن يقبل ميسي بالإدلاء بتصريحات لوسائل الإعلام، وهو ما يعني بالتأكيد أن الحوار الذي أجريناه معه يمثل في حد ذاته سابقة وحدثا فريدا، خاصة وأن اللاعب الأرجنتيني الذي يعتبره الجميع ظاهرة العصر وأفضل لاعب في المعمورة لم يدل بأي حوار، إطلاقا، أثناء نهائيات كأس العالم. وبما أن “الهدّاف” لا تعرف المستحيل فقد استطاعت أن تكسّر هذا الإستثناء. فبالتعاون مع اليومية الرياضية الإسبانية “سبورت” استطاعت إقناع النجم العالمي بالحديث الذي تنشره اليوم في وقت متزامن مع الجريدة الإسبانية. وإذا كانت أسئلة الجريدة الإسبانية تتمحور على المنتخب الأرجنتيني ونادي برشلونة، فإن أسئلة “الهدّاف” كانت خاصة بالمنتخب الجزائري الذي يعرفه جيدا بما أنه واجهه منذ ثلاث سنوات ويكتشفه مجدّدا في مونديال جنوب إفريقيا.
من بين المفاجآت في كأس العالم الحالية حضور المنتخب الجزائري الذي سبق لك مواجهته منذ ثلاث سنوات في ملعب “كامب نو” في مباراة استعراضية، هل تعتقد أن الجزائر لها مكانتها في جنوب إفريقيا؟
على ما أعتقد ليس لدي ما أقوله في هذه النقطة، فالمنتخب الجزائري مثله مثل باقي المنتخبات العالمية التي تأهلت إلى هذا المحفل الكروي العالمي عن جدارة واستحقاق بعد تجاوزها للتصفيات، وبالتالي فإنها تستحق مكانتها، فكما يعلم الجميع فإن التصفيات أصبحت أصعب أكثر من أي وقت مضى وليس من السهل الظفر بمكانة في المونديال مثلما كان عليه الحال في السابق، ونحن الأرجنتينيون أدرى من غيرنا بمدى صعوبة المهمة حيث لم نتمكن من ضمان التأشيرة إلى غاية الجولة الأخيرة وبصعوبة، وعليه يجب تحية المنتخب الجزائري بعد تمكنه من الوصول إلى المونديال فلما واجهناهم في “كامب نو” وبعد الأداء المشرف والصعوبات الكثيرة التي واجهناها أمام لاعبي الجزائر قلت في قرارة نفسي لماذا لا يتأهل هذا المنتخب إلى كأس العالم بهذا المستوى، لكن الآن ها هي الجزائر في كأس العالم وهي في مكانتها الحقيقية.
هل تتذكر جيدا مباراة الأرجنتين مع الجزائر في “كامب نو”؟
نعم بالتأكيد، فمباراة بتلك النتيجة لا يمكن لي نسيانها خاصة أن المناسبة كانت لعبي مع منتخب بلادي في “كامب نو” وهو الملعب الذي أجد فيه راحة ويعني لي الكثير، فقد كانت هناك مباراة في المستوى من الجانبين حيث فتح المنتخب الجزائري المساحات من أجل اللعب الهجومي والأمر نفسه بالنسبة لنا ما جعلنا نؤدي مباراة عالية المستوى، بالإضافة إلى تسجيل عدة أهداف ما منح المباراة طابعا استعراضيا ومن حضرها لم يندم بالتأكيد فنحن اللاعبون استمتعنا بها كثيرا (الأرجنتين فازت 4 – 3).
المنتخب الجزائري بدأ المونديال بطريقة سيئة وانهزم أمام نظيره السلوفيني، هل ترى أن حظوظ الجزائريين لا تزال قائمة من أجل التدارك والمرور إلى الدور الثاني قبل مواجهة المنتخب الإنجليزي؟
بما أن اللقاء قد انتهى بهدف مقابل صفر يعني أنه كان صعبا على الطرفين، وحتى الجزائريين كانوا قادرين على الفوز بنقاطه لو استغلوا الفرصة السانحة للتهديف التي تحصلوا عليها. وفيما يخص اللقاء المقبل للجزائر أمام إنجلترا، أظن أن كأس العالم تضم أحسن 32 منتخبا في الكرة الأرضية والفارق في المستوى لن يكون شاسعا. صحيح أن إنجلترا تملك حظوظا أوفر في هذا اللقاء لأنها من بين المنتخبات المرشحة للظفر بكأس العالم هذه المرة، ولكن الفرصة مناسبة للمنتخب الجزائري للبروز بتقديم مباراة قوية أمامهم ولم لا الفوز أمام إنجلترا.
أمام منتخبات تعتمد على الاندفاع البدني مثل إنجلترا، هل في حال الاعتماد على الجانب الفني من طرف اللاعبين الجزائريين ستكون لهم حظوظ في الظفر بنقاط اللقاء؟
لا أدري بالضبط، فأنا لست في أحسن رواق للإجابة على هذا السؤال، فتفكيري حاليا كله منصب على منتخب بلادي الأرجنتين، وما يمكنني أن أقوله في هذه النقطة فقط هي أنه يجب عدم تغيير تركيبة الفريق كثيرا وطريقة اللعب كذلك بالنسبة للمنتخب الجزائري حتى لو كان في الجهة المقابلة منتخب قوي مثل إنجلترا، كما يجب على لاعبيكم أن يستمتعوا ويصنعوا الفرجة والبحث عن الفوز وفي نهاية المطاف لن يندموا على أي شيء.
هل تعلم أن زيدان من أصول جزائرية؟
وما رأيك في هذا اللاعب؟
كل العالم يعلم بأن زيدان من أصول جزائرية، وهو شخصيًا لطالما رددها في مختلف تصريحاته، وبالنسبة لي فإن زيدان كان لاعبًا كبيرًا بفنيات عالية جدا بالإضافة إلى أنه تحصل على عدة ألقاب على المستوى الشخصي بالإضافة إلى الألقاب مع النوادي التي لعب لها ومنتخب فرنسا، وعليه فإن زيدان يبقى من بين أحسن اللاعبين في تاريخ كرة القدم من دون مبالغة.
بمجرد مشاهدتك تبتسم دائمًا فوق الميدان فهذا يؤكد أنك تستمتع بمداعبتك للكرة خاصة في هذا المونديال، هل بهذه الطريقة تحلم بعيش هذا المونديال في جنوب إفريقيا؟
لقد انتظرت هذا المونديال مطولا مثل أي لاعب آخر في العالم الذي يحلم بالمشاركة في كأس العالم، وما أعرفه كذلك هو أن كأس العالم لا علاقة لها بالتصفيات وكيفية الوصول إلى النهائيات لأن الذهنيات تتغير، فلطالما شاهدنا منتخبات تكون قوية في الإقصائيات وتتأهل بسهولة لكنها في النهائيات لا تتمكن من فعل أي شيء بل وتخرج من الدور الأول، على عكس المنتخبات العريقة التي لديها تقاليد في كأس العالم وتصل إلى الأدوار الأخيرة تدريجيا، وبالنسبة لي فلحد الآن الأمور تسير معي مثلما كنت أتصورها، وأتمنى أن نكون أقوى في المباريات المقبلة، ففي مباراة نيجيريا وصلتني عدة كرات وتحرّكت كثيرا بحيث شعرت بأنني قدّمت الكثير لفريقي، على العموم في المنتخب ألعب غالبا وراء قلب الهجوم ففي تلك المباراة الجميع كان يمنحني الكرة والأنظار كانت موجّهة نحوي ولحسن الحظ الأمور سارت على أحسن ما يرام.
قلت لنا منذ قليل بأن كل تركيزك منصب على منتخب بلادك الأرجنتين، ولكن هل أنت على اطّلاع عمّا يحدث في نادي برشلونة؟
أنا حاليا في كأس العالم وكل تركيزي كما قلت لكم منصب على هذه الدورة وما يحدث مع منتخب بلادي، لكنني في نفس الوقت على دراية بما يجري في فريقي برشلونة وتصلني كل الأصداء من هناك، وعلى سبيل المثال الانتخابات الأخيرة.
ما هو هدف المنتخب الأرجنتيني في هذا المونديال؟
بكل بساطة من أجل أن نصبح أبطالا للعالم.
أنت تقولها بثقة كبيرة، لماذا؟
نعم، لأننا نملك مجموعة متكاملة وقادرة على الذهاب إلى أقصى حد ممكن والتتويج بكأس العالم، علينا أن نلعب كل مبارياتنا بنفس الوتيرة وتصعيد المستوى من مباراة إلى أخرى بحيث أنا متأكد أننا سنصبح أقوى أكثر فأكثر عندما نتقدّم في الأدوار المقبلة، فنحن نعمل كثيرًا في الجانب الدفاعي ونحن الذين لم نتلق أي هدف في المباراة الأولى أمام نيجيريا، وحتى في المباريات الودية لم تدخل مرمانا أهداف أمام ألمانيا وكندا، وفي الأمام لدينا لاعبون قادرون على صنع الفارق في أية لحظة من المباراة من عمل فردي، ولا يخفى عليك بأن الجميع داخل المنتخب الأرجنتيني محفّز كما ينبغي بالإضافة إلى أن ثقة كبيرة تحدونا، ونحن الذين ندرك بأنه لدينا الإمكانيات اللازمة للذهاب إلى أبعد حد ممكن في هذا المونديال وليس مستحيلا أن نظفر بلقب هذه الدورة، وأنا شخصيا واثق جدا.
الأرجنتين لم تكن مرشحة قبل انطلاق الدورة، لكنها أصبحت كذلك بعد مباراتها الأولى أمام نيجيريا، فهل أن المنتخب تغيّر مقارنة بما كان عليه في التصفيات؟
على الرغم من أننا نفس اللاعبين الذين كنا في التصفيات لكن كما قلت لك من قبل فإن الأمور تختلف كثيرا ما بين التصفيات والنهائيات، ولكننا في هذا المونديال أحسن بكثير وجاهزون أكثر من أي وقت مضى، وتأكد أن المرشّحين لنيل لقب هذه الدورة هم إسبانيا، البرازيل وإنجلترا.
أمر جيّد إلقاء الضغط على منتخبات أخرى وإبعاده عنكم، أليس كذلك؟
(يضحك)، لا فبالنسبة لإسبانيا، البرازيل وإنجلترا فهم جاءوا إلى جنوب إفريقيا من موقع قوة وأكثر منا، ولكن في الوقت الراهن هذه الفرق لم تؤكد كثيرا فوق الميدان وعليها أن تكون أحسن بكثير مما ظهرت عليه، وبالنسبة لنا فنحن نريد أن نكون الأقوى أثناء المونديال فقط لا قبله ولا بعده.
هل أنت على اتصال برفاقك في فريق برشلونة المتواجدين مع المنتخب الإسباني؟
حتى الليلة الأخيرة قبل مجيئي إلى جنوب إفريقيا تحدثت مع “بيكي“ و “ڤزافي“، بحيث تطرّقنا إلى أجواء التحضيرات ومدى جاهزية المنتخبين الإسباني والأرجنتيني وعن حظوظ كل منتخب في هذا “المونديال”.. وبطبيعة الحال تحدثت معهما إلى العديد من النقاط الخاصة بنا كأصدقاء.
مارادونا صرّح من قبل أن “فيرون“ هو مـحرّكـ الفريق ويقوم بدور “ڤزافي’’ في برشلونة، هل أنت متفق مع ما قاله مدربك؟
نعم، ففوق الميدان فإن “فيرون“ يقوم بعمل كبير ويبحث عني دائما ويخلق المساحات، ولا أخفي عليك أن هذا اللاعب يشعرني بالراحة، وبالتالي فأنا سعيد بالتواجد إلى جانبه وأحاول دائما الاستفادة من خبرته الطويلة في الميادين، لأنه لاعب كبير في المنتخب الأرجنتيني ويفيدنا كثيرا.
في المنتخب الأرجنتيني، هل وصلت أخيرا إلى المستوى الذي تظهر به مع برشلونة؟
نعم، لقد كنا من بين المحظوظين بتحقيق انتصار في أول لقاء لنا في هذا “المونديال“ أمام نيجيريا، وهذه المرة أشعر أنني في أحسن أحوالي وألعب بالطريقة نفسها التي ألعب بها في برشلونة، وبعد المباريات الصعبة التي عشناها في التصفيات المؤهلة لـ “المونديال“ الذي وصلنا إليه بكل صعوبة. فقد اتفقنا فيما بيننا نحن اللاعبون على رفع التحدّي والرمي بكل ثقلنا في هذا “المونديال“ من أجل الذهاب إلى أبعد حد ممكن والعودة بالتاج العالمي إلى أرض الوطن. وتأكدوا أن هناك تغييرا كبيرا في الذهنيات وأنا شخصيا شعرت بذلك، وأتمنى أن يحبّنا أكثر أنصارنا ويثقوا فينا مثلما يحدث معنا في برشلونة، وسأكون من أسعد الناس إذا حدث يوما وأصبح أنصارنا في المنتخب بعقلية أنصارنا في برشلونة. فأنا لم أتغيّر أبدا ودائما أحاول تقديم أقصى ما عندي سواء مع النادي أو المنتخب. أشكر المدرب الذي يسمح لي باللعب بكل حرية في المنتخب الوطني، وأنا مرتاح للغاية.
كيف تعيش وتستقبل الانتقادات التي تُقدّم لك في كلّ مناسبة تشارك فيها مع منتخب بلادك؟
أتأثر كثيرا لأن عائلتي تعيش في الأرجنتين وتعاني من هذا الجانب، فالانتقادات في المجال الرياضي أتقبّلها بصدر رحب، لكن لما يربطون مردودي بأمور أخرى لا علاقة لها بالرياضة وخلق حكايات لا مجال لها من الصحة، فإن ذلك يثير غضبي واشمئزازي.
هل وصلت مرهقا إلى جنوب إفريقيا بعد موسمين كبيرين تخللتهما مباريات عديدة مع برشلونة؟
أنا في أحسن أحوالي ولا أشعر إطلاقا بالإرهاق، فقبل مجيئنا إلى هنا عملت بما فيه الكفاية في الجانب البدني وهذا في التربص. وقد قمنا بعمل رائع، بالإضافة إلى الحماس الشديد الموجود داخل المجموعة. وكما قلت لك من قبل فلا أشعر إطلاقا بالتعب أو شيء من هذا القبيل وكأنني لم ألعب أي مباراة طيلة هذين الموسمين مع برشلونة.
مع هذه الكرة الجديدة (جابولاني)، هل ستسدد من كل النواحي باتجاه المرمى أو تبحث عن القائم؟
هذه الكرة هي حقا غريبة، فلما أقذف بكل قوة فإنها تذهب عاليا، وعليه فأنا بصدد تجريب هذه الكرة التي قيل عنها الكثير حتى أجد الطريقة المثلى للعب بها.
الكثير من المتتبعين يجزمون أن هذا المونديال سيكون لك دون منازع، لا لشيء إلا لأنك تبلغ سن مارادونا في 1982، ما قولك؟
أنا مستعد دائما لتقديم كل ما لدي فوق الميدان، ولا أمنح أي اعتبار لسني أو بعض الأمور التي يتحدث عنها الكثيرون. وما يهمني أكثر أن تجري الأمور كما ينبغي معنا في المنتخب الأرجنتيني مثلما كان عليه الحال أمام المنتخب النيجيري في اللقاء الأول وطيلة الموسم كذلك مع برشلونة أين نفوز تقريبا في كل مبارياتنا. وأتمنى أن يكون المونديال الحالي لصالح الأرجنتين بالأزرق والأبيض، وإن كان المونديال مميزا بالنسبة لي فهذا سيكون رائعا بالتأكيد.
نعتذر،”فيرون” يقول إنك تنام كثيرا، فكم مرة تحصلت على كأس العالم في منامك بكل صراحة؟
أنا أحلم دائما بأعين مفتوحة وليس فقط عندما أكون نائما، لأنني أريد الحصول على كأس العالم ولن تبقى حلما فقط، خاصة أننا نملك مجموعة قادرة على ذلك دون مبالغة. وما ندركه جيدا هو أنه يجب عدم تضييع هذه الفرصة الذهبية للتتويج بالتاج العالمي.