تساءل توفيق قبها عضو مجلس قروي برطعة الشرقية، "هل
برطعة منطقة اسرائيلية حتى يطرد العمال منها في حال عدم حيازتهم على
تصاريح دخول البلدة والعمل فيها؟".
جاء هذا التساؤل الاستهجاني من قبل قبها خلال حديث مع مراسل "معا" في جنين
رائد أبو بكر، والذي كان يعقب على اقتحام قوة اسرائيلية كبيرة فجر أمس
البلدة واعتقال اكثر من 100 عامل وطردهم لعدم حيازتهم تصاريح للعمل داخل
البلدة.
وقال قبها "ان قوة عسكرية قوامها 20 آلية من الشرطة العسكرية وحرس الحدود
والتنظيم اقتحمت البلدة عند الساعة الواحدة بعد منتصف الليل، وشرعت بعملية
تمشيط بحثا عن سيارات تحمل لوحة ترخيص اسرائيلية- صفراء- ليتم مصادرتها
وتحرير المخالفات لاصحابها".
وأوضح قبها أن قوات الاحتلال أقدمت على خلع أبواب 15 محلا تجاريا في
المنطقة الصناعية في برطعة وتفتيش المحلات بشكل "همجي"، كما شنت حملة
تفتيش بحثا عن العمال القاطنين في البلدة واصحاب المحلات، حيث اعتقلت اكثر
من 100 عامل وصاحب محل ونقلهم الى بوابة برطعة الرئيسية وطردتهم بحجة عدم
حيازتهم تصاريح لدخول البلدة والعمل فيها. مشيراً إلى نشاط قوات الاحتلال
في تواصل طيلة الليل حتى صباح الامس.
واشار إلى ان هذه ليست المرة الاولى التي تقوم فيها قوات الاحتلال بمثل
تلك الحملة بل قامت بذلك حوالي 6 مرات منذ بداية العام الجاري، حيث تحاول
اسرائيل ضرب البنية التحتية لبلدة برطعة بمنع اهالي 48 من دخولها وشراء
حاجياتهم منها او اصلاح مركباتهم في منطقتها الصناعية.
ولم تقف الممارسات الاسرائيلية الى هذا الحد- قال قبها- بل انه ومنذ شهر
تقريبا تمنع قوات الاحتلال العاملة على بوابة برطعة الرئيسية ادخال المواد
التموينية واثاث المنازل الا بتنسيق بين المجلس القروي وادارة البوابة،
والا تتم مصادرة البضائع او ارجاعها من حيث أتت.
واضاف ان قوات الاحتلال قلصت من مدة التصريح حيث كان الاحتلال يصدر
التصريح للتجار والعمال لمدة سنة او ستة اشهر لكنها قلصت المدة الى شهرين
او ثلاثة اشهر، بالاضافة الى المعيقات التي تخلقها قوات الاحتلال على
البوابة للوفود الطبية كأطباء حقوق الانسان والاغاثة الطبية حيث تحجزهم
لمدة ثلاث ساعات الى اربع ساعات قبل أن تسمح لهم بالدخول الى البلدة.
ويعود قبها الى الوراء مستذكراً معاناة بلدته منذ عام 1949 وبسبب وجودها
على حدود الخط الاخضر إذا مزقها الاحتلال وفصلها عن بعضها منذ ذلك العام،
وفرض على اهلها المعاناة والانقسام وتجزئة البيت الواحد، فأصبح هناك
قريتان: برطعة الشرقية وهي تحت السيطرة الفلسطينية من الناحية الادارية
والصحية والتعليمية ولكنها تحت السيطرة الاسرائيلية من الناحية الامنية
وبرطعة الغربية داخل الخط الاخضر.
واشار الى ان اهل القريتين عاشوا في بداية التقسيم حياة صعبة ومليئة
بالمعاناة بعد ان فُرض عليهم الحكم العسكري منذ الفترة الواقعة بين عامي
1950 – 1967 حتى ايام الحرب الستة واجتياح الضفة الغربية والسيطرة عليها.
واضاف "حتى وقتنا الحاضر ما زال اهالي برطعة الشرقية يعانون اشد المعاناة
وخاصة بعد بناء جدار الفصل والتوسع، فقد شل الجدار حياة سكانها بعد فصلها
عن الضفة الغربية ومنع اهاليها من التنقل الا بتصاريح وبطاقات ممغنطة
والانتظار على البوابة الرئيسية ساعات طويلة ومنع دخول البضائع الا
بالتنسيق وبعد ان تتبعثر البضائع بين الماكينات وافواه الكلاب المسعورة.
وتطرق قبها الى بداية فترة بناء الجدار في عام 2002 ويستذكر ما رافق ذلك
من معاناة للبشر واقتلاع للشجر وتهجير للحيوانات والطيور التي منعت من
بناء اعشاشها وبيوتها أما البشر فقد منعوا من مغادرة منازلهم، فيما اقتلعت
الأشجار من جذورها لتقام بروج مشيدة واسلاك شائكة وغرف التفتيش الضيقة.
وقال ان الجنود العاملين على البوابة الرئيسية يلعبون باعصاب المواطنين
سواء المتوجهين الى البلدة او الخارجين منها، ليكثر فقدان الوعي في صفوفهم
وارتفاع في ضغط الدم واحيانا الجلطات او اطلاق النار على المواطنين خلال
تواجدهم على البوابة.
واضاف ان ثلاثة مواطنين من البلدة استشهدوا جراء معاملة الجنود العاملين
على البوابة، حيث استشهد الطفل محمد جودت قبها اثناء اطلاق النار عليه من
قبل جنود الاحتلال وذلك خلال انتظاره مع اهله على الحاجز فاخترقت الرصاصة
جسده، والمواطن حسني مصطفى قبها الذي استشهد على الحاجز بعد طول انتظار
فاصابته الجلطة داخل سيارته، والمواطنة كاملة ابراهيم قبها "والدتي" التي
استشهدت بعد منع دخول سيارة الاسعاف الى القرية حيث اصيبت بوعكة صحية وكنا
مضطرين لنقلها الى مستشفى جنين الحكومي.
وناشد قبها القيادة الفلسطينية والمؤسسات الحقوقية والانسانية بالعمل
الجاد والحقيقي من اجل انقاذ برطعة من السجن الكبير والضغط على اسرائيل
لازالة الجدار الفاصل الذي شتت الاهالي ومنع ابسط مقومات الحياة من
الدخول، مؤكداً الاستمرار في المقاومة السلمية بكافة اشكالها حتى ازالة
هذا الجدار....
