أشرف أبو جلالة
صدر تقرير شامل يتعلق بمسألة العنف المنزلي، ودعا الى ضرورة المبادرة لانقاذ الاطفال منه خصوصًا اولئك الذين يعيشون مع كابوس العنف المنزلي الموحش.
أشرف أبوجلالة من القاهرة: حول واقع التجارب المريرة التي يعيشها الأطفال الصغار مع كابوس العنف المنزلي الموحش، تقول ديانا باران، الرئيس التنفيذي المنسق لحملة مكافحة العنف المنزلي والمؤلف المشارك في كتاب "السلامة في الأرقام"، إنهم في حاجة للشجاعة السياسية كي يتم التنسيق لنظام حماية مناسب للأطفال المعرضين لخطر العنف المنزلي، بدلا ً من إهدار المال العام.
وتشير بارين إلى أنه وفي الوقت الذي جاءت فيه انطلاقة الحوار الوطني لتشكك في مزايا تثقيف الأطفال الذين يبلغون من العمر خمسة أعوام حول مسألة العنف المنزلي، تقول إنها قضت يومًا برفقة 24 من القابلات المتخصصات في العنف المنزلي والزائرات الصحيات، اللواتي تحصَّل نصفهن على تلك الوظائف نتيجة لحوادث قتل الأطفال الناشئة عن أعمال العنف المنزلي. وهو ما جعلها تدعو للاعتراف بأنه وبغض النظر عن أهمية تثقيف الأطفال حول هذا العنف، إلا أنه أمر واقع يعيشونه، ويموتون بسببه، في المنزل.
وتشير صحيفة "التلغراف" البريطانية إلى صدور كتاب "السلامة في الأرقام" خلال الأسبوع الماضي أيضًا، وهو أضخم وأكثر التقارير شمولية فيما يتعلق بمسألة العنف المنزلي. وعلى مدار عامين، تم فحص حالات منها 2500 لسيدات و 3600 لأطفال عانوا عادةً من مستويات خطرة للغاية من العنف المنزلي وحصلوا على دعم من مستشار مستقل متخصص في العنف المنزلي. وقد تبين أن ما يزيد عن 80 % من السيدات التي شملتهم تلك الدراسة قد تعرضن لأشكال متعددة من سوء المعاملة: تفاوتت ما بين الجسدية والجنسية والمطاردة والمضايقة. وتقول الصحيفة إن بعض النتائج كانت مروعة بشكل خاص فيما يتعلق بالأطفال. وقد كان معظمهم في سن المدرسة الابتدائية أو أقل، وربما كان العنف ملازمًا لمعظمهم منذ الولادة.
وفي أكثر من ربع الحالات، خشيت الأمهات من أن يتعرض أطفالهن للإيذاء بشكل مباشر، وفي 11 % من الحالات، كانت هناك تهديدات مباشرة بقتل الأطفال على يد المنتهك. وفي 40 % من الحالات، كان هناك صراعًا على الترتيبات الخاصة بالاتصال بالطفل. هذا وقد سلطت الدراسة الضوء أيضًا على أن الأطفال يعيشون مع مصادر محن متعددة. ففي نسبة تصل إلى 50 % من الحالات، ثبت أن مرتكبي الانتهاكات يعانون من مشكلات عقلية، ومشكلات متعلقة بسوء استخدام الكحول وغيره من المواد، فضلا ً عن تورطهم في سوابق جنائية.
وحول حقيقة الدور الذي تلعبه البيئة في إفراز أطفال أصحاء وسعداء، أظهرت الدراسة أن ثلثي السيدات اللواتي يتلقين دعمًا مكثفًا من مستشار مستقل متخصص في العنف المنزلي قد تحدثن عن أن جميع أشكال الانتهاكات قد توقفت. كما انخفض الصراع المباشر على الاتصال بالطفل بمقدار النصف، تمامًا مثلما حدث مع التهديدات المباشرة بإيذائه والتهديدات الأخرى المتعلقة بقتله. وبحسب التقديرات التي خلصت إليها الدراسة، فقد تبين أن هناك ما يزيد عن 100 ألف ضحية و 200 ألف طفل يعانون من عنف منزلي حاد. وقد أظهرت الدراسة أيضًا أن المستشارين المستقلين المعنيين بالعنف المنزلي يمثلون النقطة التي يمكن أن يتم التعرف من خلالها على الأطفال المعرضين لخطر العنف المنزلي. حيث يمكنهم العمل مع الأبوين غير المؤذيين، وتنسيق الجهود التي تبذلها العديد من الوكالات في هذا الشأن لتقليل الأخطار بالنسبة للبالغين والأطفال، ومن ثم تمكينهم من العيش بأمان في منازلهم.
وترى الصحيفة في الختام أن الساسة لابد وأن يكون لهم رؤية فيما يتعلق بتفعيل بعض الخطوات المرتبطة بهذا الأمر، ومنها: تمويل الخدمات التي يقدمها المستشار المستقل في مجال العنف المنزلي لتجهيز ما يقرب من 1250 مستشار بكافة أنحاء المملكة المتحدة بتكلفة قيمتها 50 مليون إسترليني. وعليهم أن يرتبطوا بصورة أكثر فاعلية مع تلك الخدمات التي تعمل بشكل مباشر مع الأطفال ليتم التعامل مع الأخطار التي تمسهم وكذلك احتياجاتهم. والاهتمام كذلك بتوفير دعم تخصصي للأطفال من أجل التعامل مع الآثار النفسية طويلة المدى التي تنتج عن الانتهاكات التي يتعرضون لها. وتؤكد باران في النهاية على أنهم يمتلكون الآن الأدلة، والمتخصصين المهرة، مع تعهدهم بإحداث تأثير دائم على حياة الآلاف من الأطفال، الذين يدفعون اليوم كلفة الانتهاكات في صمت. وتشدد في الوقت ذاته على حقيقة احتياجهم للرؤية والشجاعة السياسية بغية تحويل ذلك إلى أمر واقع ووقف استنزاف المال العام.